هممت أن أدع السّوق وفي يدي شيء ، فقال : إذاً يسقط رأيك ، ولا يستعان بك على شيء»(١).
فانظر ، كيف يذمُّ الإمام عليه السلام العطل ، وينبّه على أنّ الإنسان العاطل باختياره ساقط الرأي في المجتمع ، لا يعبأ به ولا يعتنى بكلامه ، ولا يكون له شأن بين الناس ، ولا يستعان به على شيء ، ولا يُرجع إليه في أمر!
ومن جهة أُخرى ، يرى الإمام عليه السلام من المهانة للمؤمن أن يكون عياله هم السّعاة عليه ـ مع قدرته على أن يكون هو الساعي ـ والسبب في التوسعة عليهم ؛ لأنّ في ذلك ذلّةً ، له وهم لا يريدون لأصحابهم الذلّة حتّى بين أفراد عائلتهم.
وأمّا قول الإمام عليه السلام بأنّه إن ترك التجارة قلّ عقله ، وفي خبر : «تركها مذهبة للعقل» ، فلعلَّ المراد أنّ الإنسان الفارغ الجالس في بيته سينعزل عن المجتمع ويبقى وحده ، وحينئذ يوسوس له الشيطان ويتلاعب بعقله وفكره ويشوّش عليه العيش ، وكأنّ قوله لمّا سأل عن أحد المؤمنين فقيل له : «قد ترك التجارة» إنّه «عمل الشيطان»(٢) ، إشارة إلى ما ذكرناه.
ثمّ إنّ جملةً من الروايات قد أضافت آثاراً سيئةً على ترك الكسب والتجارة عن اختيار وقدرة :
كقوله عليه السلام : «هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم»(٣).
وقوله عليه السلام لمن طلب منه أن يدعو الله لأنْ يرزقه في دعة :
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧/١٥ ح ٢١٨٦٢.
(٢) وسائل الشيعة ١٧/١٧ ح ٢١٨٦٥.
(٣) وسائل الشيعة ٧/١٢٥ ح ٨٩١٠.