فعن الفضيل بن يسار ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «أيّ شيء تعالج؟ فقلت : ما أُعالج اليوم شيئاً ، فقال : كذلك تذهب أموالكم ، واشتدّ عليه»(١).
فهو يسأل عمّا يفعل ويزاول ، ونفس السؤال يكشف عن الاهتمام بأمر المؤمنين وحبّ الاطّلاع على أحوالهم ، فلمّا أخبره بكونه عاطلاً عن العمل ، اشتدّ عليه وغضب ؛ لأنّ الأئمّة عليهم السلام يبغضون القادر على العمل والعاطل التارك له ، فإنّه سيصرف أمواله ويأكلها ، ثمّ يفقد عزّه بين الناس.
بل لقد نهى بشدّة عن ترك العمل حتّى مع الإيسار :
فعن الفضيل الأعور ، قال : «شهدت معاذ بن كثير وقال لأبي عبد الله عليه السلام : إنّي قد أيسرت فأدع التجارة؟ فقال : إنّك إن فعلت قلّ عقلك»(٢).
وعن معاذ ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : «يا معاذ ، أضعفت عن التجارة؟ أو زهدت فيها؟ قلت : ما ضعفت عنها ، ولا زهدت فيها ، قال : فما لك؟ قال : كنّا ننتظر أمراً ، وذلك حين قتل الوليد ، وعندي مال كثير ، وهو في يدي ، وليس لأحد عليَّ شيء ، ولا أراني آكله حتّى أموت ، فقال : لا تتركها ، فإنّ تركها مذهبة للعقل ، اسع على عيالك ، وإيّاك أن يكونوا هم السّعاة عليك»(٣).
وفي خبر ثالث يقول : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّي قد
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧/١٤ ح ٢١٨٥٧.
(٢) وسائل الشيعة ١٧/١٤ ح ٢١٨٥٨.
(٣) وسائل الشيعة ١٧/١٤ ح ٢١٨٥٩.