أنّ المسألة من باب التعادل والتراجيح فالتزموا الموازنة بين ما يظلم به وما يخشاه من الظلم عليه.
وأجاب على ذلك التوهّم وغيره بالقول : «لا يخفى عليك تنقيح ذلك كلّه بعد ما عرفت موضوع المسألة ومدركها ، كما أنّه لا يخفى عليك عدم جواز ظلم الغير بأمر الجائر الذي يُخشى من تخلّفه ظلماً على بعض آخر دون نفس المُكرَه وماله وعرضه. ضرورة عدم مشروعية رفع الظلم عن مؤمن بظلم مؤمن آخر. وكون ذلك قد يقتضي التقية في بعض الأحوال ، لا يستلزم اقتضاءَه في الفرض. وكذا لا يخفى عليك أنّ المراد بالإكراه هنا ، أعمّ من التقية التي هي دين في العبادات ، لمعلومية عدم الفرق هنا بين وقوع الإكراه من الموافق في المذهب والمخالف بعد فرض تسلّطه على النفس والعرض والمال ...»(١).
ب ـ وعندما تعرّض لمسألة جوائز السلطان الجائر وضرورة إرجاعها إلى مالكها الحقيقي مع الإمكان ، قال في ردّه على بعض مآخذ المسألة : «نعم ، لو كان قد قبضه ـ أي جوائز السلطان الجائر ـ من أوّل الأمر بعنوان الاستنقاذ والإرجاع إلى مالكه اتّجه حينئذ عدم ضمانه بالتلف بغير تفريط ؛ لأنّ يده حينئذ يد أمانة ، لا من فروع يد الغاصب المعامل نفسه معاملة المالك ؛ ولأنّه حينئذ محسنٌ لا سبيل عليه. وفرق واضح بين هذا القبض وبين القبض بعنوان قبول الهبة ، وإثبات يد المدفوع إليه بدل يد الدافع. فليست هي حينئذ إلاّ يد الدافع الذي قد فُرض كونه غاصباً ، وإن كان المدفوع إليه جاهلاً وعزم على إرجاعها على مالكها بمجرّد علمه بالغصب.
__________________
(١) جواهر الكلام ٢٢ / ١٦٩.