وذلك أنّ أُسامة بن زيد مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وهو ابن زيد بن حارثة ، واُمّه أُمّ أيمن مولاة رسول الله ... وقد روى أهل السنّة في حقّه عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال : «أُسامة بن زيد لأحبّ الناس إليَّ ، أو من أحبّ الناس إليَّ ، وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم ، فاستوصوا به خيراً»(١).
وهو الذي أمّره رسول الله صلّى الله عليه وآله على جيش فيه كبار الصحابة أبو بكر وعمر بن الخطّاب وسعد وسعيد وغيرهم من المهاجرين والأنصار ، ولعن من تخلَّف عنه ... في قضيّة مشهورة.
لكن المهمَّ أنّ أُسامة قد ذُكر في الأفراد المعدودين من الصحابة الذين لم يبايعوا أمير المؤمنين عليه السلام بعد عثمان واعتزلوا ، وأشهرهم سعد بن أبي وقّاص وعبد الله بن عمر بن الخطّاب وأُسامة بن زيد ...
ثمّ إنّ أُسامة لم يكن مع الإمام الحسن بعد أمير المؤمنين عليهما السلام أيضاً.
وتوفّي سنة ٥٤ أو ٥٨ أو ٥٩ ، فكان وفاته بعد الإمام الحسن عليه السلام ؛ لأنّ وفاة الإمام سنة ٤٩ أو ٥٠(٢).
فإذا كان الإمام عليه السلام قد كفَّن أُسامة ـ والحال هذه ـ فإنّ هذا من مكارم أخلاق أهل البيت عليهم السلام ، وهذا هو المقصود هنا ، فإنّ في هذه القضية عبرةً لمن يريد الاعتبار ، وتبصرةً لمن طلب البصيرة في حقِّ أهل البيت عليهم السلام ، وأنّهم لم يكونوا بصدد الرئاسة للأغراض
__________________
(١) اسد الغابة ١/١٩٥ عن عبد الله بن عمر.
(٢) ومن هنا كان الصحيح هو : إنّ الحسين بن علي كفّن اُسامة ، فما في الوسائل وبعض الكتب تصحيف ، وقد نبّه على ذلك غير واحد من العلماء.