المعروف بابن مكلّم الذئب الخزاعي ، قال : دخلت على هارون الرشيد(١)في بعض الأيّام ، فوقفت بين يديه ، وأنا متّكئ على سيفي ، إذ دخل عليه شابّ قد وجب عليه حدّ ، فأمر الرشيد أن يقام عليه أربعة حدود ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إنَّ الله غضب لنفسه بحدّ واحد ، فلا تفضله بأكثر ممّا غضب لنفسه.
ثمّ التفت إلى ابن أبي ليلى(٢) فقال : أما إنّك لا تحسن مثله.
__________________
وجدّه أهبان بن أوس الأسلمي ، يُعرف بمكلّم الذئب ، وهو من أصحاب الشجرة ، قال : كنت في غنم لي فشدّ الذئب على شاة منها فصحت عليه ، فأقعى ـ أي جلس على إسته وبسط ذراعيه مفترشاً رجليه وناصباً يديه ـ الذئب على ذنبه ، وخاطبني وقال : مَنْ لها يوم تشتغل عنها ، أتنزع مني رزقاً رزقني الله؟ قال : فصفّقتُ بيدي وقلتُ : ما رأيتُ أعجب من هذا.
أسد الغابة ١ / ١٣٧ ، الإصابة ١ / ٢٨٩ رقم ٣٠٧.
(١) هارون الرشيد : (١٤٩ ـ ١٩٣ هـ) ابن محمّد (المهدي) بن المنصور العبّاسي ، أبو جعفر ، خامس خلفاء الدولة العبّاسية وأشهرهم ، ولد بالرّي ، وبُويع بالخلافة بعد وفاة أخيه الهادي سنة ١٧٠ هـ ، فقام بأعبائها ، وازدهرت الدولة في أيّامه ... وكان الرشيد عالماً بالأدب ، وأخبار العرب ، والحديث ، والفقه ... وهو صاحب وقعة البرامكة ، وكانوا قد استولوا على شؤون الدولة ، فقلق من تحكّمهم ، فأوقع بهم في ليلة واحدة ، ولايته ٢٣ سنة وشهران وأيّام ، وتوفّي في «سناباذ» من قرى طوس وبها قبره. الأعلام ٨ / ٦٢.
(٢) محمّد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى الأنصاري ، القاضي ، أبو عبدالرحمن الكوفي ، تفقّه بالشَّعبي ، وسمع منه ، ومن عطاء بن أبي رباح وغيرهم. وعُدّ من أصحاب الصادق. روى عنه سفيان الثوري وغيره.
كان فقيهاً مفتياً ، قارئاً للقرآن. وقيل : كان من أصحاب الرأي ، ولي القضاء والحكم بالكوفة لبني أمية ثم لبني العبّاس ، واستمرّ ثلاثاً وثلاثين سنة. وكان يقضي بين المسلمين من غير استناد إلى أئمّة أهل البيت ، ولكن ذلك لا يمنعه من الأخذ بفقههم. رجال الطوسي : ٢٨٨ رقم ٤١٨٥ ، رجال ابن داوود : ١٧٧ رقم ١٤٤٢ ، الطبقات الكبرى ٦ / ٣٥٨ ، الفهرست ـ لابن النديم ـ : ٢٥٦.