ثمّ أدناني وقرَّبني ، فحسدني البرامكة(١).
فلمَّا كان ذات يوم ، أقبل يحيى بن خالد البرمكي(٢) فقال : يا أمير المؤمنين ، إنَّ هذا الذي قرّبته وأدنيته ، يزعم أنَّ لله عزَّ وجلّ في أرضه إماماً غيرك ، مفترض الطاعة ، في ولد علي بن أبي طالب ، ويدّعي أنَّهُ معصوم من كلِّ ذنب.
قال الرشيد : سبحان الله ما أعجب هذا!
قال يحيى : فَتُحبّ أن تسمع كلام أهل المقالات يا أمير المؤمنين؟ ثمّ قال يحيى : ليس المعوَّلُ على هؤلاء أن تسمع كلامهم.
قال الرشيد : فالمعوّل على كلام من؟
قال يحيى : على مَنْ يقول بمقالة ابن مكلّم الذئب.
قال الرشيد : فمن هو يا يحيى؟
قال يحيى : هو هشام بن الحكم ، صاحب الصادق.
قال الرشيد : ابعث إليه ليأتيني.
قال : لا يأتي.
__________________
(١) ينتسب البرامكة إلى بَرْمَك بن جاماس ، خادم النوربهار (وهو بيت النار) في بلخ ، وكانت المجوس في بلخ توقد النيران في النوبهار وتعبدها ، واشتهر برمك ونوّه بسدانته ، وكان برمك عظيم القدر عند المجوس ، ولم أعلم هل أسلم أم لا. وفيات الأعيان ٦ / ٢١٩.
(٢) يحيى بن خالد البرمكي ، هو : أبو الفضل يحيى بن خالد بن برمك وزير هارون الرشيد ، كان من النبل والعقل وجميع الخلال على أكمل حال ، ولمّا استخلف هارون الرشيد عرف له حقّه ، وقال له : يا أبت ، أنت أجلستني في هذا المجلس ببركتك ويمنك وحسن تدبيرك وقد قلّدتك الأمر ، ودفع له خاتمه ، إلى أن نكب هارون البرامكة فغضب عليه ، وخلّده في الحبس إلى أن مات فيه. انظر تاريخ بغداد ١٤ / ١٣٢ الترجمة رقم ٧٤٥٩.