قال هشام : قد أبحتُ دمي لكلّ من يقطعني ممّن على وجه الأرض.
فقال له أبو الهذيل العلاّف : يا هشام ، ما تقول في علم علي عليهالسلام ، أهو من الله جلّ اسمه أو وحي منه ، أو إلهام ، أو تعليم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
قال هشام : هو جمع الأمرين ؛ لأنّه عليهالسلام قال : «علّمني رسول الله»(١) ، فلمّا قال : علّمني رسول الله ، لم يجز لي أن أقول له : لا ، ورأيت الله عزّ وجلّ قد أعطى الخضر عليهالسلام من العلم ما لم يؤت موسى عليهالسلام ، وهو خير من الخضر ، فقد أعطاه الله العلم وحباه إيّاه ، وكما أعطاه الخضر حبّاً وإلهاماً.
قال أبو الهذيل : فأين كان علمه؟
قال هشام : في أيّ المواطن.
قال في صفّين ، حيث وقف هو وابنه الحسن على قتلى أهل الشام. فقال : «يا بنيّ ، هذا فلان ، وهذا فلان من فتية آل فلان ، يا بنيّ ، قومٌ بغَوْا علينا فقتلناهم بأسيافنا ، فودّ أبوك أنّه مات قبل هذا بعشرين سنة»(٢). هل كان شاكّاً فيهم أنّهم ليسوا من أهل النّار ، أم كان شاكّاً في نفسه بتمنّيه الموت أنّه قَتَلَ قوماً من أهل الجنّة؟
قال هشام : مسألة.
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٢٣ (الباب ١٦ في ذكر الأبواب التي علّمها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)عليّاًعليهالسلام ، الكافي ١ / ٢٣٩ ح ١ و ٢٩٦ / ٤ ـ ٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٨٥ ، نظم درر السمطين : ١١٣ ، كنز العمّال ١٣ / ١١٤ ح ٣٦٣٧٢.
(٢) البحار ٢٩ / ٤٤٩ ، مناقب ابن شهرآشوب ١ / ٢٣٧ ، الطبقات الكبرى ٥ / ٥٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٥٨. وقد ورد فيها : (الجمل) ، بدل : (صفّين) ، وفي بعضها ورد عين استدلال هشام.