وأقاموا أيّاما نازلين حوله ، فلمّا كان في بعض اللّيالي صرخ بوق النّفير ، وقيل : جاءت الفرنج. فركب النّاس والعساكر ومماليك الصّالح وساقوا إلى سبسطية. ثمّ جاء ابن موسك وابن سنقر إليه ، فدخل ابن سنقر إليه ، وقال : تطلع إلى الكرك إلى ابن عمّك ، وأخذ سيفه (١).
قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ (٢) : فبلغني أنّ جاريته كانت حاملا فأسقطت ، وأخذوه إلى الكرك ، فحدّثني بالقاهرة سنة تسع وثلاثين (٣) قال : أخذوني على بغلة بلا مهماز ولا مقرعة ، وساروا بي ثلاثة أيّام ، والله ما كلّمت أحدا منهم كلمة ، وأقمت بالكركب أشهرا ، ورسموا على الباب ثمانين رجلا. وحكى لي أشياء من هذه الواقعة (٤).
ثمّ إنّ الوزيريّ أطلع خزائنه وخيله وحواصله إلى الصّلت (٥) ، وبقيت حاشيته بنابلس (٦). ووصل علاء الدّين ابن النابلسيّ من مصر من عند الملك العادل إلى النّاصر يطلب الصّالح ، ويعطيه مائة ألف دينار ، فما أجاب. فلمّا طال مقامه ، استشار عماد الدّين ابن موسك وابن قليج ، ثمّ أخرجه ، وتحالفا واتّفقا في عيد الفطر. فحدّثني الصّالح قال : حلّفني النّاصر على أشياء ما يقدر عليها ملوك الأرض (٧) ، وهو أن آخذ له دمشق ، وحمص ، وحماة ، وحلب ، أو الجزيرة ، والموصل ، وديار بكر ، ونصف ديار مضر (٨) ، وأعطيه نصف ما في الخزائن من المال والجواهر والخيل والثياب ، فحلفت له من تحت القهر والسّيف.
__________________
(١) انظر : مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧٢٥ ـ ٧٢٧ ، ونهاية الأرب ٢٩ / ٢٦١ ـ ٢٦٣.
(٢) في المرآة : ٨ / ٧٢٧ فما بعد.
(٣) الّذي في المطبوع من «المرآة» : «٦٤٦» وكتب في الهامش أنه سنة (٦٣٦) في نسخة أخرى.
(٤) انظر : مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧٢٧ وفيه حكايات أخرى أهملها المؤلّف ـ رحمهالله ـ ، وكذلك نهاية الأرب ٢٩ / ٢٦٣.
(٥) الصلت : بلدة في الأردن جنوب عجلون. وهي السّلط أيضا.
(٦) إلى هنا الخبر في نهاية الأرب ٢٩ / ٣٦٤.
(٧) انظر نهاية الأرب ٢٩ / ٢٦٦.
(٨) في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة الرابعة والستون) ص ٢٦ «ديار مصر».