وجدتها مختلفة المذاهب في الأحكام ، يفتي أحدهم بما لا يفتي به صاحبه في جميع أبواب الفقه ، من الطهارة إلى باب الديّات من العبادات ، والأحكام والمعاملات ، والفرائض وغير ذلك ، مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم ...
وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهمالسلام من الأحاديث المختلفة ـ التي تختص بالفقه ـ في كتابي المعروف بـ : الاستبصار ، وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث ، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها ، وذلك أشهر من أن يخفى»(١).
وهذا ما أكّده المحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) في معارج الأُصول ، فقال : «وذهب شيخنا أبو جعفر إلى العمل بخبر العدل من رواة أصحابنا ، لكن لفظه ـ وإن كان مطلقاً ـ فعند التحقيق يتبيّن أنّه لا يعمل بالخبر مطلقاً ، بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمّة عليهمالسلام ودوّنها الأصحاب ، لا أنّ كلّ خبر يرويه الإمامي يجب العمل به ، هذا الذي تبيّن لي من كلامه ، ويدّعي إجماع الأصحاب على العمل بهذه الأخبار ...»(٢).
٤ ـ الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار :
وهو من تأليف الشيخ الطوسي قدسسره.
وهو أحد الكتب الحديثية الأربعة التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الإمامية ، ويتكوّن من ثلاثة أجزاء : الأوّل والثاني يشتملان على العبادات ، والثالث يتعلّق بالمعاملات وغيرها من أبواب الفقه ، وقد حصر
__________________
(١) عدّة الأُصول : ٣٣٧ ، ٣٥٤.
(٢) معارج الأُصول : ١٤٧.