هذا المقام الذي منحه الله له. وأقدره عليه. ووهبه من الطاقات المكنونة ما يكافىء الواجب المفروض عليه فيه. وسخر له من القوانين الكونية ما يعينه على تحقيقه. ونسق بين تكوينه وتكوين هذا الكون ، ليملك الحياة والعمل والابداع.
بشرط أن يكون الابداع نفسه عبادة لله. ووسيلة من وسائل شكره على آلائه العظام والتقيد بشرطه في عقد الخلافة. وهو ان يعمل ويتحرك في نطاق ما يرضي الله.
فأما اولئك الذين يضعون المنهج الالهي في كفة. والابداع الانساني في عالم المادة في الكفة الاخرى ويجعلون بينهما مضادا تاما. فهم مضللون سيئوا النية ، شريرون ، يطاردون البشرية ، المتعبة الحائرة لأنها تعبت من التيه والحيرة والضلال. وأبت أن تسمع الصوت الحادي الناصع. وان تؤوب من المتاهة المهلكة وان تطمئن الى كنف الله تعالى. فمنهج الله تعالى هو الذي يبارك بكل ما ينتجه الانسان في هذه الحياة.
وهناك آخرون لا ينقصهم حسن النية. ولكن ينقصهم الوعي الشامل. والادراك العميق ... هؤلاء يبهرهم ما كشفه الانسان من القوى والقوانين الطبيعية. وتروعهم انتصارات الانسان في عالم المادة. فيفصل ذلك البهر وهذه الروعة في شعورهم بين القوى الطبيعية ، والقيم الايمانية. وعملها وأثرها الواقعي في الكون. وفي واقع الحياة ، ويجعلون للقوانين الطبيعية مجالا. وللقيم الايمانية مجالا آخر.
ويحسبون أن القوانين الطبيعية تسير في طريقها غير متأثرة بالقيم الايمانية. وتعطي نتائجها سواء آمن الناس أم كفروا. اتبعوا منهج الله ام خالفوا عنه. حكموا شريعة الله أم الحكموا بأهواء الناس.
وهذا وهم ... انه فصل بين نوعين من السنن الالهية هما في حقيقتهما غير منفصلين فهذه القيم الايمانية هي بعض سنن الله في الكون