وفي جوامع الجوامع : قال : وفي حديث أبيّ : «أنزلت عليّ الأنعام جملة واحدة ، يشيّعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد ، فمن قرأها صلّى [عليه اولئك] السبعون ألف ملك بعدد كلّ آية في الأنعام يوما وليلة» (١).
قوله سبحانه : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ)
كان الأنسب بحسب مقام الكلام أن يبدأ بالتكلّم مع الغير ، كما سيعود إليه في قوله : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ) (٢) ، لكن حيث كان الكلام سيعود إلى مخاطبة الكافرين المعرضين عن توحيد الله سبحانه والإسلام له ، اجتنب عن تعريف التكلّم معهم بالمشافهة ، فخاطبهم مخاطبة من لا يريد أن يعرف مقامهم ، حفظا عن التهتّك والإزراء ولذا ذكر عند العدول عن مخاطبتهم والإعراض عنهم ، فقال : (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ) (٣) ، ولم يقل : وما نكلّمهم إلّا وهم معرضون. فألبس نفسه لباس الغيبة ، وخاطب النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) فنسب إليه سبحانه ما عليه مدار هذا العالم في نظامه من السموات والأرض والظلمات والنور ، ولم يضلّ ضال في التوحيد كالدهرية والطبيعية والوثنية والمشركين وأهل التثنية إلّا فيها والكل لله ، ثمّ ذكر أنّ الكفار مع ذلك يعدلون عن الله سبحانه إلى غيره ، وقولنا : مع ذلك مفاد قوله : (ثُمَ) إذ قال : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ؛ وإذ كان عدو لهم بعد ذلك الوضوح من البيان مستعجبا
__________________
(١). جوامع الجامع ١ : ٥٥٠.
(٢). الآية (٦) من السورة.
(٣). الآية (٤) من السورة.