ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير» (١).
أقول : الظاهر أنّ في الرواية سهوا من أحد أو بعض الرواة ، والمعنى الصحيح المؤيّد بالكتاب ما تدلّ عليه الروايات السابقة كما مرّ.
قوله سبحانه : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ)
معنى كونه سبحانه في السماوات وفي الأرض عموم الوهيّته فيهما ، فإنّ المظروف إذا لم يقبل الحلول في ظرفه ، أفاد التركيب شمول وصفه له ، كقولك : هو الأمير في شرق الأرض وغربها ، وهو المعروف في البرّ والبحر.
وفي [التوحيد] روى الصدوق ، عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في الآية قال : «كذلك هو في كلّ مكان» ، قال الراوي : قلت : بذاته؟ قال : ويحك أنّ الأماكن أقدار ، فإذا قلت في مكان بذاته لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو بائن من خلقه محيط بما خلق علما وقدرة وإحاطة وسلطانا [وملكا] ، وليس علمه بما في الأرض بأقلّ ممّا في السماء ، لا يبعد منه شيء ، والأشياء له سواء علما وقدرة وسلطانا [وملكا] وإحاطة (٢).
أقول : لما كان الخلق والقضاء المذكوران في الآية السابقة في نفسهما غير كافيين في إيجاب الإسلام والعبودية ، تمّم البرهان بالإبانة عن سعة الوهيّته ، وركنها العلم والقدرة ، والسلطان والإحاطة ، والإبانة عن تعلق العلم بالأعمال وظرفها ، سواء كان هو السرّ أو الجهر وإليه الإشارة بما في الرواية.
__________________
(١). تفسير القمّي ١ : ١٩٤.
(٢). التوحيد : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، الحديث : ١٥.