وكنا ننتظر من القفطى (١) أن يكون أكثر تحديدا إذ أنه معاصر (٢) للإمام نصر ، ولكنه أخبرنا أنه كان موجودا سنة ٥٨٧ ه بإضافة اثنتين وعشرين سنة على ياقوت ، مع ملاحظة عدم الجزم منه إذ ساق هذا التاريخ من قبيل النقل القولى.
أما أسانيد الكرمانى إلى شيوخه فأظهرها ما ساقه فى (لباب التفاسير) عن أبى سهل محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفضل النيسابورى عن الواحدى (ت ٤٦٨ ه) عن الثعلبى (ت ٤٢٧ ه).
وإذا أضفنا إلى ذلك أن أهالى كرمان يكثر بينهم المعمرون ، قدرنا أنه عاش فى الفترة المحصورة ما بين (٤٤٠ ـ ٥٣٠ ه). فإذا كان مولده ما بين (٤٤٠ ـ ٤٥٠ ه) كانت وفاته تقديرا ما بين (٥٢٠ ـ ٥٣٠ ه) ، وهذا الحساب يفترض أن عمره ما بين ٨٠ ـ ٩٠ عاما. ونكتفى بهذا التقدير إلى أن يعثر على نص صريح بتاريخ وفاته.
__________________
(١) توافرت لدى القفطى الإمكانيات التى يندر أن تتوافر لغيره ، فهو أولا يعتبر بالدرجة الأولى من المؤرخين ومن مصنفى التراجم. وأهم من ذلك عندنا أنه صنف فى فن المكتبات (أخبار المصنفين وما صنفوه).
وهو من العلماء المشاركين فى كثير من العلوم ، ويقول عنه الحافظ أبو عبد الله محمد البغدادى : (اجتمعت به فوجدته جم الفضائل ذا علوم غزيرة ، عظيم القدر ، سخى الكفى ، طلق الوجه ، حلو الشمائل ، مشاركا لأرباب كل علم فى النحو واللغة والفقه والحديث وعلم القراءات والأصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ).
وهو من الوزراء : إذ يحكى الأدنوى أنه تولى الوزارة بحلب سنة ٦١٤ ه ، ثم عزل منها وأعيد إليها فكان مجلسه مقصد العلماء والأدباء ، ومجالسته لهؤلاء فتحت له المغلق دون تعب أو نصب كما فعل غيره.
(٢) ولادة القفطى ٥٦٨ ه ووفاته سنة ٦٤٦ ه.