ـ افتتاح الآية الكريمة بتأكيد إنزال محكمه ومتشابهه من الله عزوجل.
ـ قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) خاص بهذا الموضع ليس فى القرآن غيره.
ـ اختتمت الآية الكريمة بما يفيد وجود تقديم الإيمان على التأويل (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا).
١١ ـ بيان موقف الناس من الكتاب :
بينت آية سورة آل عمران أحوال الخلق بالنسبة إلى تلقيهم لكتاب الله تعالى ، فمنهم أهل الحق الذين لا يتزعزع إيمانهم ، بل إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا. ومنهم أهل الزيغ الذين لا هم لهم سوى تأويل ما تشابه منه ـ وما لهم بذلك من علم ـ ابتغاء الفتنة.
فلينظر المؤمن قوة تلقيه للقرآن العظيم ليعرف مكانة نفسه : فسعادته على قدر قوة يقينه وفهمه فيه وعلمه بما علم. وشقاء أهل الزيغ على قدر إعراضهم عنه وعدم وقوفهم عند حدوده وطلبهم الفتنة بتأويله.
١٢ ـ من هم الراسخون فى العلم؟ تحديد الآية لهم :
هم الذين جعلوا التنزيل إمامهم والعمل به شعارهم ودثارهم لا يحيدون عنه إذا ضل الناس ، ولا يبتغون به بديلا مهما عرض عليهم من مثل وأفكار ونظريات وضعها أهل الدنيا ، لا يشكون إذا شك الناس ولا يفرطون فى شىء من الكتاب ، فرحوا بالله تعالى ، وأنسوا به عزوجل ، لو اجتمع عليهم أهل الضلال ليزحزحوهم عن الحق شعرة ما استطاعوا ، شعارهم : أحد. أحد. مهما حمى لهم الأعداء من حديد ، أو وضعوا على صدورهم من صخور. أيقنوا بكل وجودهم أن الخير كل الخير فى كتاب الله تعالى ، وبيانه المحمدى وليس وراء ذلك مطلب ، وما بعد الحق إلا الضلال.
وقد ذكر الراسخون فى العلم فى القرآن فى موطنين :
أولهما : فى آية سورة آل عمران وقد أفردوا بالذكر لتعلق ذكرهم بالعلم بالمحكم والمتشابه.
والثانى : فى سورة النساء (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) من الآية : ١٦٢ ، وقد ذكر معهم المؤمنون ؛ لأن المعنى متعلق بإيمانهم جميعا بما أنزل من عند الله تعالى.
فاقترن الرسوخ فى الآيتين بالإيمان الذى لا تزلزله شبهة ، ولا يصرفه جهل أو عناد ، ولا يشوبه زيغ. ولا يصح ذلك إلا إذا صرف المؤمن جميع شئونه لله تعالى.