١٣ ـ طريق النجاة هو اتباع منهج الراسخين فى العلم :
للراسخين فى العلم منهج معين فى فهم كلام الله عزوجل : إذ يربطون جميع العلوم ربطا محكما يجعلها وسيلة لمعرفة الله تعالى والتقرب إليه عزوجل. فالعلم لو سخر فى ربط محكما يجعلها وسيلة لمعرفة الله تعالى والتقرب إله عزوجل. فالعلم لو سخر فى ربط الإنسان بالدنيا كان نقمة وشقاء بل كارثة ، أما إذا سخر لربط الإنسان بالله تعالى فإنه يكون سببا فى النجاة دنيا وأخرى بإذنه تعالى. وكل علم دل على غير الله تعالى فهو تفكير وضعى دنيوى لا ينتهى دون بوار صاحبه.
وعلامة الرسوخ تقديم الإيمان على التأويل ، والتضرع إلى الله عزوجل طلبا للفتح فى فهم كتابه العزيز والراسخون يقولون فيما علموه أو لم يعلموه : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا). ولما كان ثبات الإنسان على سنن الاستقامة من غير عوج أصلا لم يجريه سبحانه لغير المعصومين الذين اختارهم لتبليغ رسالاته ، لذا التجأ أهل الرسوخ إلى خالقهم ليقيهم الزيغ فقالوا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا). ولما كان ما يطلبونه لا ينال بعمل ولا بكسب ، إنما هو بمحض فضله عزوجل قالوا : (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ) من مواهب عطائك المستور من غير خواصك (رَحْمَةً) تفضلا منك ابتداء من غير سبب منا. والتنكير هنا يفيد التعظيم ، والإفادة بأن أيسر شىء منها يكفى الموهوب. ولما كان الأمر اللّدنّى ليس مما فى فطر الخلق وجبلاتهم ، وإنما هو هبة منه تعالى بحسب العناية ختموا دعاءهم ملتفتين إلى هذا المعنى (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) الذى يهب أعظم الهبات مرارا وتكرارا من غير قصد من الموهوب ، ولم يكن فهمنا وفقهنا هذا إلا بعد أن وهبتنا النور الذى يهدينا إلى سواء السبيل ، فوقيتنا شر الفتن وحفظت قلوبنا من الزيغ ، وأنت الكريم الوهاب اللطيف الحكيم العليم الذى لا ينعم بهذه النعم الجليلة سواك ، ولا يعطيها ويمنحها قبل السؤال إلا أنت.
١٤ ـ لا موضع للفلسفة فى دين الإسلام :
أعلنا مرارا وتكرارا عن عدم وجود (فلسفة إسلامية) نهائيا ، ولا ما يطلق عليه (التفكير الفلسفى فى الإسلام) ، وطالبنا بتصحيح المسميات وضعا للأمور فى نصابها.
فينبغى أن توضع هذه الفلسفة تحت عنوان : (الفلسفة عند المسلمين) ، وهذا التفكير تحت عنوان (التفكير الفلسفى عند المسلمين) ؛ ليعفينا ذلك من نسبة الفلسفة للإسلام ونسبة أخطاء فلاسفة المسلمين إلى الإسلام ، والإسلام من أخطائهم براء.
إن الفلسفة تبدأ عند المسلم حينما يجهل الإسلام فيما تفلسف فيه ولو كان عنده علم من الكتاب ما تفلسف : فهى إذن فلسفة تضيق وتتسع بحسب دائرة جهله بأمور الإسلام ، وهى تتناسب تناسبا عكسيا مع درجة الفقه فى الإسلام. وقد تتّفق فلسفة المسلم مع أصول الإسلام وقواعده فهى ليست بفلسفة ، وقد تختلف فهى ليست من الإسلام.
وهناك فلسفات وضعها مسلمون وهى أبعد ما تكون عن الإسلام ، واقرأ إن شئت