وانبرى الأئمة لهؤلاء فكشفوا عن زيفهم وهدموا معاقل باطلهم على رءوسهم. وأتوا على بنيانهم من القواعد. ونذكر منهم من أهل القرن الرابع الهجرى :
أبو الحسن الأشعرى (ت ٣٣٣ ه).
أبو منصور الماتريدى (من محلة ما تريد بسمرقند) (ت ٣٣٣ ه).
أبو بكر القطيعى (ت ٣٦٨ ه).
أبو الحسن محمد بن أحمد الملطى الشافعى (ت ٣٣٧ ه).
الخطابى (ت ٣٣٨ ه).
تفوق المشرق العجمى العباسى فى التصنيف فى المتشابه بنوعيه :
من اطلع على كتب الملل (١) والنحل يجد أن المشرق العباسى كان مركز الثقل فى الرد على الفرق المارقة ، وبالتالى فى التصنيف فى المتشابه بجميع أنواعه ، والسبب فى هذا التفوق :
* أن شعوب هذه المنطقة لغتها غير عربية مما يجعلها لقمة سائغة لأصحاب الدعوات الهدامة من أهل الفرق ، فمن السهل ترويج الفتن هنا.
* أن الطامعين فى تجريد الخلافة من سلطانها لا يجدون منطقة يستندون إليها خيرا من هذه المنطقة ، حتى انتهى الأمر إلى سقوط الخلافة صريعة بين براثن المتغلبين الذين جردوها من كل سلطة ، وحولوها إلى مجرد رمز.
* أن أعداء الخلافة العباسية ـ وعلى رأسهم الفاطميون فى مصر ـ اتخذوا من خراسان وفارس مراكز وثوب ومحاور هجوم تهدد الخلافة العباسية. وكان الخلفاء العباسيون يستنجدون بالمتغلبين على الولايات الإسلامية لإنقاذ الخلافة من هؤلاء الخصوم. وانبرى لمواجهة ذلك أئمة من المشرق دافعوا عن الحق وحاربوا أهل الباطل حتى تبين أن زعماء الفتن إنما يدعون إلى سراب يحسبه الظمآن ماء فإذا جاءه لم يجده شيئا. وكان من بين أئمة أهل السنة من غلب عليه الأثر ، ومنهم من غلب عليه النظر ، ومنهم من جميع بينهما فأجاد وأفاد ، ومن بينهم فى القرن الخامس الهجرى :
ـ الحسين بن الحسن الحليمى البخارى الشافعى (٣٣٨ ـ ٤٠٣ ه).
ـ ابن فورك محمد بن الحسن بن فورك الأصبهانى الشافعى (ت ٤٠٦ ه) وله (حل الآيات المتشابهات) (٢) و (تأويل أحاديث الصفات) وقد أخذ عليه أنه جميع فيه الصحيح
__________________
(١) صرفنا النظر عن ذكر مصنفات الفرق المنحرفة عن مذهب أهل السنة فى المتشابه. ومحل ذلك كتب النحل.
(٢) توجد منه نسخة فى خزانة «عاطف» باستنبول تحت رقم ٤٣٣ ص ٥١٥ ، وتقع فى ٧٤ ورقة.