فعند ذلك قالا : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١) (فَتابَ) الله ـ عزوجل ـ (عَلَيْهِ) يوم الجمعة (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ـ ٣٧ ـ لخلقه (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) يعنى من الجنة جميعا آدم وحواء وإبليس فأوحى الله إليهم بعد ما هبطوا (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) يعنى ذرية آدم فإن يأتيكم يا ذرية آدم (مِنِّي هُدىً) يعنى رسولا وكتابا فيه البيان ثم أخبر بمستقر من اتبع الهدى فى الآخرة قال ـ سبحانه ـ : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) يعنى رسولي [٩ ب] وكتابي (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ـ ٣٨ ـ من الموت ثم أخبر بمستقر من ترك الهدى فقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) برسلي (وَكَذَّبُوا) بآياتي القرآن (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ـ ٣٩ ـ لا يموتون (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) يعنى أجدادهم فكانت النعمة حين أنجاهم من آل فرعون ، وأهلك عدوهم وحين فرق البحر لهم ، وحين أنزل عليهم المن والسلوى ، وحين ظلل عليهم الغمام بالنهار من حر الشمس وجعل لهم عمودا من نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر وفجر لهم اثنى عشر عينا من الحجر وأعطاهم التوراة فيها بيان كل شيء فدلهم على صنعه ليوحدوه ـ عزوجل ـ (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) يعنى اليهود وذلك أن الله ـ عزوجل ـ عهد إليهم فى التوراة أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وأن يؤمنوا بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وبالنبيين والكتاب فأخبر الله ـ عزوجل ـ عنهم فى المائدة فقال ـ : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) يعنى ونصرتموهم (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (٢) فهذا الذي قال الله (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) الذي عهدت إليكم
__________________
(١) سورة الأعراف : ٢٣.
(٢) سورة المائدة : ١٢.