الرحمة. فقال لهم : قد نزلت الرحمة ثم أمر موسى المنادى فنادى أن ارفعوا سيوفكم عن إخوانكم فجعل الله ـ عزوجل ـ القتلى شهداء وتاب الله على الأحياء وعفى عن الذين صبروا للقتل فلم يقتلوا فمن مات قبل أن يأتيهم موسى ـ عليهالسلام ـ على عبادة العجل دخل النار ومن هرب من القتل لعنهم الله و (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) ، فذلك قوله : (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) وذلك قوله سبحانه ـ : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) (١).
فكان الرجل يأتى نادى قومه وهم جلوس فيقتل من العشرة ثلاثة ويدع البقية ويقتل الخمسة من العشرين ومن كتب عليهم الشهادة ويبقى الذين لم يقض لهم أن يقتلوا. فذلك قوله ـ عزوجل ـ (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) فلم نهلككم جميعا (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) يعنى بعد العجل (لَعَلَّكُمْ) يعنى لكي (تَشْكُرُونَ) ربكم فى هذه النعم يعنى العفو فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وذلك قوله ـ سبحانه ـ فى الأعراف : (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها) يعنى من بعد عبادة العجل (وَآمَنُوا) يعنى وصدقوا بأن الله واحد لا شريك له (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢) لذو تجاوز عنهم رحيم بهم عند التوبة.
(وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يعنى التوراة (وَالْفُرْقانَ) يعنى النصر حين فرق بين الحق والباطل ونصر موسى وأهلك فرعون نظيرها فى الأنفال قوله ـ سبحانه ـ : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ) يعنى يوم النصر (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) (٣)
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٦٧.
(٢) سورة الأعراف : ١٥٣.
(٣) سورة الأنفال : ٤١.