فارتفع من اللوح بعض كلام الله ـ عزوجل ـ فأمر بالسامري فأخرج من محلة بنى إسرائيل ثم عمد إلى العجل فبرده بالمبرد وأحرقه بالنار ثم ذراه فى البحر فذلك قوله : (لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) (١) فقال موسى : (إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ) ـ أى ضررتم ـ (أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) إلها من دون الله ـ سبحانه وتعالى (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) يعنى خالقكم وندم القوم على صنيعهم فذلك قوله ـ سبحانه : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا) يعنى أشركوا بالله ـ عزوجل ـ (قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢) فقالوا كيف لنا بالتوبة يا موسى قال اقتلوا أنفسكم يعنى يقتل بعضكم بعضا كقوله سبحانه فى النساء [١١ ب](وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) يقول لا يقتل بعضكم بعضكم (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٣) يعنى ذلك القتل والتوبة خير لكم عند بارئكم يعنى عند خالقكم قالوا قد فعلنا فلما أصبحوا أمر موسى ـ عليهالسلام ـ البقية الاثنى عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل أن يقتلوهم بالسيف والخناجر فخرج كل بنى أب على حدة من منازلهم فقعدوا بأفنية بيوتهم فقال بعضهم لبعض : هؤلاء إخوانكم أتوكم شاهرين السيوف فاتقوا الله واصبروا فلعنة الله على رجل حل جيوبه أو قام من مجلسه أو اتقى بيد أو رجل أو حار إليهم طرفة عين. قالوا : آمين فقتلوهم من لدن طلوع الشمس إلى انتصاف النهار يوم الجمعة وأرسل الله ـ عزوجل ـ عليهم الظلمة حتى لا يعرف بعضهم بعضا فبلغت القتلى سبعين ألفا ثم أنزل الله ـ عزوجل ـ الرحمة فلم يحد (٤) فيهم السلاح فأخبر الله ـ عزوجل ـ موسى ـ عليهالسلام ـ أنه قد نزلت
__________________
(١) سورة طه : ٩٧.
(٢) سورة الأعراف : ١٤٩. وفى أ : فلما سقط.
(٣) سورة النساء : ٢٩.
(٤) يحد : يقطع. وفى الحديث : إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته.
وفى أ : بحكم.