حين أمرهم بعبادة العجل فلما نزل موسى من الجبل إلى السبعين أخبرهم بما كان ولم يخبرهم بأمر العجل ، فقال السبعون لموسى : نحن أصحابك جئنا معك ، ولم نخالفك فى أمر ، ولنا عليك حق فأرنا الله جهرة ـ يعنى معاينة ـ كما رأيته فقال موسى : والله ما رأيته ، ولقد أردته على ذلك فأبى وتجلى للجبل فجعله دكا. يعنى فصار دكا وكان أشد منى وأقوى. فقالوا : إنا لا نؤمن بك ولا نقبل ما جئت به حتى تريناه معاينة. فلما قالوا ذلك أخذتهم الصاعقة ، يعنى الموت عقوبة. فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) (١) يعنى الموت نظيرها (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) (٢) يعنى ميتا وكقوله ـ عزوجل ـ : (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ) (٣) يعنى فمات (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) يعنى السبعين ثم أنعم الله عليهم فبعثهم وذلك أنهم لما صعقوا قام موسى يبكى وظن أنهم إنما صعقوا بخطيئة أصحاب العجل فقال ـ عزوجل ـ فى سورة الأعراف : (رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ ، أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) (٤) ـ وقال : يا رب ما أقول لبنى إسرائيل إذا رجعت إليهم وقد أهلكت أحبارهم فبعثهم الله ـ عزوجل ـ لما وجد موسى من أمرهم. فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥) ـ ٥٢ ـ يقول لكي تشكروا ربكم فى هذه النعمة فبعثوا يوم ماتوا ثم انصرفوا مع موسى راجعين فلما دنوا من المعسكر على ساحل البحر سمعوا اللغط حول العجل ، فقالوا هذا قتال فى المحلة فقال موسى ـ عليهالسلام ـ ليس بقتال ولكنه صوت الفتنة فلما دخلوا المعسكر (٦) رأى موسى ماذا يصنعون حول العجل ، فغضب وألقى الألواح فانكسر منها لوحان
__________________
(١) فى أ : فأخذتهم ـ البقرة ٥٥.
(٢) سورة الأعراف : ١٤٣.
(٣) سورة الزمر : ٦٨.
(٤) سورة الأعراف : ١٥٥.
(٥) فى أ : ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون.
(٦) فى أ ، ل : العسكر.