فغضب عند ذلك قابيل (١) فقتله بحجر دق رأسه وذلك بأرض الهند عشية وآدم ـ عليهالسلام ـ بمكة ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ، قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ـ ٢٧ ـ (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) ـ ٢٨ ـ (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) ـ ٢٩ ـ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) يقول فزينت له نفسه قتل أخيه (فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) ـ ٣٠ ـ
قال وكان هابيل قال لأخيه قابيل : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ ...) إلى قوله : (بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) يعنى أن ترجع بإثمى بقتلك إياى وإثمك الذي عملته قبل قتلى (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) يعنى جزاء من قتل نفسا بغير جرم فلما قتله عشية من آخر النهار لم يدر ما يصنع وندم ولم يكن يومئذ على الأرض بناء (٢) ولا قبر فحمله على عاتقه فإذا أعيى وضعه بين يديه ثم ينظر إليه ويبكى ساعة ثم يحمله ففعل ذلك ثلاثة أيام فلما كان فى الليلة الثالثة بعث الله غرابين يقتتلان فقتل أحدهما صاحبه وهو ينظر [٩٨ ب] ثم حفر بمنقاره فى الأرض فلما فرغ منه أخذ بمنقاره رجل الغراب الميت حتى قذفه فى الحفيرة ثم سوى الحفيرة بالأرض وقابيل ينظر ، فذلك قوله ـ تعالى ـ : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ) قابيل (يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ) يقول أعجزت أن أعلم من العلم مثل ما علم هذا الغراب (فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي) يقول فأغطى عورة أخى كما وارى هذا الغراب صاحبه (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) ـ ٣١ ـ
__________________
(١) فى أ : قابين ، ل : قابيل.
(٢) فى أ : بغير نفس حرم ، ل : بغير جرم.