بقتله أخاه. فعمد عند ذلك قابيل فحفر فى الأرض بيده ثم قذف أخاه فى الحفيرة فسوى عليه تراب الحفيرة كما فعل الغراب بصاحبه فلما دفنه ألقى الله ـ عزوجل ـ عليه الخوف يعنى على قابيل لأنه أول من أخاف فانطلق هاربا ، فنودى من السماء : يا قابيل ، أين أخوك هابيل؟ قال : أو رقيبا كنت عليه؟ ليذهب حيث شاء قال المنادى : أما تدرى أين هو؟ قال : لا. قال المنادى : إن لسانك وقلبك ويديك ورجليك وجميع جسدك يشهدون عليك أنك قتلته ظلما ، فلما أنكر شهدت عليه جوارحه. فقال المنادى : أين تنجو من ربك؟ إن إلهى يقول : إنك ملعون بكل أرض وخائف ممن يستقبلك ولا خير فيك ، ولا فى ذريتك ، فانطلق جائعا حتى أتى ساحل البحر فجعل يأخذ الطير فيضرب بها الجبل فيقتلها ويأكلها ، فمن أجل ذلك حرم الله الموقوذة. وكانت الدواب والطير والسباع لا يخاف بعضها من بعض حتى قتل قابيل هابيل فلحقت الطير بالسماء والوحش بالبرية والجبال ، ولحقت السباع بالغياض ، وكانت قبل ذلك تستأنس إلى آدم ـ عليهالسلام ـ وتأتيه ، وغضبت الأرض على الكفار من يومئذ ، فمن ثم يضغط الكافر فى الأرض حتى تختلف أضلاعه ويتسع على المؤمن قبره حتى ما يرى (١) طرفاه وتزوج شيت ابن آدم ليوذا (٢) التي ولدت مع هابيل ، وبعث الله ـ عزوجل ـ ملكا إلى قابيل فعلق رجله وجعل عليه ثلاث سرادقات من نار كلما دار دارت السرادقات معه فمكث بذلك حينا ثم حل عنه. (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ) يعنى من أجل ابني آدم تعظيما للدم (كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) فى التوراة (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ) عمدا
__________________
(١) فى أ : حتى يرى ، ل : حتى ما يرى.
(٢) فى ل : إقليما وهو خطأ ، وفى أ : ليوذا وهو صواب لموافقته لما ذكر أولا.