(أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) أو عمل فيها بالشرك وجبت له النار ولا يعفى عنه حتى يقتل (فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) أى كما يجزى النار لقتله الناس جميعا لو قتلهم. ثم قال ـ سبحانه ـ : (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) [٩٩ أ] وذلك أنه مكتوب فى التوراة أنه من قتل رجلا خطأ فإنه يقاد به إلا أن يشاء ولى المقتول أن يعفو عنه فإن عفا عنه وجبت له الجنة كما تجب له الجنة لو عفا عن الناس جميعا ، فشدد الله ـ عزوجل ـ عليهم القتل ليحجز بذلك بعضهم عن بعض ، ثم قال ـ سبحانه ـ : (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ) يعنى بالبيان فى أمره ونهيه (ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ) البيان (فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) ـ ٣٢ ـ يعنى إسرافا فى سفك الدماء واستحلال المعاصي قوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) يعنى بالمحاربة الشرك نظيرها فى براءة (وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ) (١) وذلك أن تسعة نفر من عرينة وهم من بجيلة أتوا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالمدينة فأسلموا فأصابهم وجع شديد ووقع الماء الأصفر فى بطونهم فأمرهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يخرجوا إلى إبل الصدقة ليشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا ذلك فلما صحوا عمدوا إلى الراعي فقتلوه وأغاروا على الإبل فاستاقوها وارتدوا عن الإسلام فبعث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ فى نفر فأخذوهم ، فلما أتوا بهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم فأنزل الله ـ عزوجل ـ فيهم (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) يعنى الكفر بعد الإسلام (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ
__________________
(١) سورة التوبة : ١٠٧.