(وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) فيها تقديم وعبد الطاغوت يعنى ومن عبد الطاغوت وهو الشيطان (أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً) فى الدنيا يعنى شر منزلة (وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) ـ ٦٠ ـ يعنى وأخطأ عن قصد الطريق من المؤمنين فلما نزلت هذه الآية عيرت اليهود فقالوا لهم : يا إخوان القردة والخنازير. فنكسوا رءوسهم وفضحهم الله ـ تعالى ـ وجاء أبو ياسر بن أخطب ، وكعب بن الأشرف (١) ، وعازر بن أبى عازر ونافع بن ابى نافع ، ورافع بن ابى حريملة ، هم رؤساء اليهود حتى دخلوا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقالوا : قد صدقنا بك يا محمد لأنا نعرفك (٢) ونصدقك ونؤمن بك. ثم خرجوا من عنده بالكفر غير أنهم أظهروا الإيمان فأنزل الله ـ عزوجل ـ فيهم (وَإِذا جاؤُكُمْ) اليهود (قالُوا آمَنَّا) يعنى صدقنا بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنهم دخلوا عليه وهم يسرون الكفر [١٠٤ أ] وخرجوا من عنده بالكفر ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) يعنى بالكفر مقيمين عليه (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) ـ ٦١ ـ يعنى بما يسرون فى قلوبهم من الكفر بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نظيرها فى آل عمران (٣) ثم أخبر عنهم فقال ـ سبحانه ـ : (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ) يعنى المعصية (وَالْعُدْوانِ) يعنى الظلم وهو الشرك (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) يعنى كعب بن الأشرف لأنه كان يرشى فى الحكم ويقضى بالجور (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٦٢ ـ ثم عاتب الله ـ عزوجل ـ الربانيين والأحبار
__________________
(١) فى أ : أشرف.
(٢) فى أ : لا نعرفك ، ل : نعرفك.
(٣) تشير الآيتين ١١٨ ، ١١٩ فى سورة آل عمران وهما : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ، ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).