فأما المحكمات فالآيات الثلاث اللاتي فى الأنعام : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ...). إلى قوله سبحانه : (... لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (١) فهن محكمات ولم ينسخهن شيء من الكتاب ، وإنما سمين أم الكتاب لأن تحريم هؤلاء الآيات فى كل كتاب أنزله الله ـ عزوجل.
(وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) يعنى (الم) ، (المص) ، (الر) ، (المر) (٢) ، شبهوا على هؤلاء النفر من اليهود كم تملك هذه الأمة من السنين (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) يعنى ميل عن الهدى وهم هؤلاء اليهود (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) يعنى الكفر (وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) : يعنى منتهى كم يملكون.
يقول الله ـ عزوجل ـ : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) [٥ ب] : يعنى كم تملك هذه الأمة من السنين (٣) (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) يعنى عبد الله بن سلام وأصحابه ، (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) : يعنى بالقرآن كله. ـ (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) : يعنى من كان له لب أو عقل.
ثم قال ابن سلام وأصحابه (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) كما أزغت قلوب اليهود (بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) إلى الإسلام (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (٤).
__________________
(١) آيات : ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٣ من سورة الأنعام وهي : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
(٢) آلم : أول البقرة ، وآل عمران. المص : أول الأعراف. الر : أول يونس ، وهود ، ويوسف ، وإبراهيم ، والحجر. والمر : أول الرعد.
(٣) فى أ : وما يعلم تأويل : كم يملكون إلا الله : يعنى هذه الأمة من السنين.
(٤) سورة آل عمران : ٧ ـ ٨.