الناس ، معهم عمر فى صور الرجال عليهم البياض وعمائم البيض قد أرخوا أطرافها بين أكتافهم فقاتلت الملائكة يوم بدر (١).
ولم يقاتلوا يوم الأحزاب ، ولا يوم خيبر ، ثم قال : (وَما جَعَلَهُ اللهُ) يعنى مدد الملائكة (إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) يعنى لتسكن إليه قلوبكم (وَمَا النَّصْرُ) وليس النصر (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) وليس النصر بقلة العدد ولا بكثرته. ولكن النصر من عند الله (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢) ـ ١٠ ـ «عزيز» يعنى منيع «حكيم» فى أمره حكم النصر. وقوله : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ) (٣) (النُّعاسَ) وذلك أن كفار مكة سبقوا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى ماء بدر ، فخلفوا (٤) الماء وراء ظهورهم ، ونزل المسلمون حيالهم على غير ماء ، وبينهم وبين عدوهم بطن واد فيه رمل ، فمكث المسلمون يوما وليلة يصلون محدثين مجنبين ، فأتاهم إبليس ـ لعنه الله ـ فقال لهم : أليس قد زعمتم أنكم أولياء الله على دينه ، وقد غلبتم على الماء تصلون على غير طهور وما يمنع القوم من قتالكم إلا ما أنتم فيه من العطش والبلاء ، حتى إذا انقطعت رقابكم من العطش قاموا إليكم فلا يبصر بعضكم بعضا ، فيقرنونكم بالحبال فيقتلون منكم من شاءوا ، ثم ينطلقون بكم إلى مكة ، فحزن المسلمون وخافوا (٥) وامتنع منهم النوم ، فعلم الله ما فى قلوب المؤمنين من الحزن ،
__________________
(١) ذهب أستاذنا الدكتور مصطفى زيد فى كتابه «تفسير سورة الأنفال» إلى أن نزول الملائكة فى غزوة بدر كان لتثبيت المؤمنين وتكثير سوادهم ، وإرهاب الكافرين وإلقاء الرعب فى قلوبهم واستبعد أن يكون قتالهم قتالا حسيا.
(٢) فى أ : العزيز الحكيم. وفى حاشية أ : الآية التي هنا (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
(٣) فى أ : إذ يغشاكم.
(٤) خلفوا الماء وراء ظهورهم : أى جعل الكفار الماء خلفهم حتى لا يستطيع المسلمون الوصول إليه ، وبذلك يهلكهم العطش.
(٥) فى أ : فخافوا.