ثم ضرب مثلا للمؤمنين والكفار فقال : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ) يعنى الأرض العذبة إذا مطرت (يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) فينتفع به كما ينفع المطر البلد الطيب فينبت ، ثم ذكر مثل الكافر فقال : (وَالَّذِي خَبُثَ) من البلد يعنى من الأرض السبخة أصابها المطر فلم ينبت (لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) يعنى إلا عسرا رقيقا يبس مكانه فلم ينتفع به ـ فهكذا الكافر يسمع الإيمان ولا ينطق به ولا ينفعه [١٣١ ب].
كما لا (١) ينفع هذا النبات الذي يخرج رقيقا فييبس مكانه (كَذلِكَ) يعنى هكذا (نُصَرِّفُ الْآياتِ) فى أمور شتى لما ذكره فى هاتين الآيتين (لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) ـ ٥٨ ـ يعنى يوحدون ربهم (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) يعنى وحدوا الله (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) يقول ليس لكم رب غيره فإن لم تعبدوه (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) فى الدنيا (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ـ ٥٩ ـ لشدته (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) وهم القادة والكبراء لنوح (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٦٠ ـ (قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ ٦١ ـ إليكم (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي) فى نزول العذاب بكم فى الدنيا (وَأَنْصَحُ لَكُمْ) فيها وأحذركم من عذابه فى الدنيا (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ) فى نزول العذاب بكم (ما لا تَعْلَمُونَ) ـ ٦٢ ـ أنتم وذلك أن قوم نوح لم يسمعوا بقوم قط عذبوا وقد سمعت الأمم بعدهم بنزول العذاب على قوم نوح.
ألا ترى أن هودا قال لقومه : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) (٢)
__________________
(١) فى ل : لم.
(٢) سورة الأعراف : ٦٩.