وترشدوا والله إن ابن أخى ليأمر بمكارم الأخلاق ، وبالأمر الحسن ، ولا يأمر إلا بحسن الأخلاق ، والله لئن كان محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ صادقا أو كاذبا ما يدعوكم إلا إلى الخير ، فبلغ ذلك الوليد بن المغيرة فقال : إن كان محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قاله ، فنعم ما قال ، وإن إلهه قاله ، فنعم ما قال ، فأتنا بلسانه ولم يصدق محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بما جاء به ولم يتبعه ، فنزلت (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطى قَلِيلاً) بلسانه (وَأَكْدى) (١) يعنى وقطع ذلك ، ثم قال ـ عزوجل ـ : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) يقول لا تنقضوا الأيمان بعد تشديدها وتغليظها (وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) يعنى شهيدا فى وفاء العهد (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) ـ ٩١ ـ فى الوفاء والنقض ، ثم ضرب مثلا لمن ينقض العهد ، فقال سبحانه : (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها) يعنى امرأة من قريش حمقاء مصاحبة (٢) أسلمت بمكة تسمى ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة ، وسميت جعرانة لحماقتها ، وكانت إذا غزلت الشعر أو الكتان نقضته قال الله ـ عزوجل ـ : لا تنقضوا العهود بعد توكيدها كما نقضت المرأة الحمقاء غزلها (مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) من بعد ما أبرمته (أَنْكاثاً) يعنى نقضا ، فلا هي تركت الغزل فينتفع به ، ولا هي كفت عن العمل. فذلك الذي يعطى العهد ، ثم ينقضه ، لا هو حين أعطى العهد وفى به ، ولا هو ترك العهد فلم يعطه ـ من بعد قوة ـ يعنى [٢٠٧ ب] من بعد جده ولم يأثم بربه ، ثم قال سبحانه : (تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ)
__________________
(١) سورة النجم : ٣٣ ـ ٣٤.
(٢) ورد فى لباب النقول للسيوطي : ١٣٤. أنها كانت مجنونة تجمع الشعر والليف ، فنزلت هذه ، وفى أ ، ل : مصاحبة.