الذي عمل خيرا كان أو شرا فهو (فِي عُنُقِهِ) لا يفارقه حتى يحاسب عليه (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) ـ ١٣ ـ وذلك أن ابن آدم إذا ما طويت صحيفته التي فيها عمله فإذا كان يوم القيامة نشر كتابه فدفع إليه منشورا ، ثم يقال له : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) ـ ١٤ ـ يعنى شهيدا فلا شاهد عليك أفضل من نفسك وذلك حين قالوا : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (١) ختم الله على ألسنتهم ، ثم أمر الجوارح فشهدت عليه (٢) بشركه وتكذيبه ، وذلك قوله سبحانه : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) ، وذلك قوله ـ عزوجل ـ : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (٣) يعنى جوارحهم حين شهدت عليهم أنفسهم وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) الخير (وَمَنْ ضَلَ) عن الهدى (فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) (٤) أى على نفسه ، يقول فعلى نفسه إثم ضلالته (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) يقول لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) فى الدنيا أحدا (حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) ـ ١٥ ـ لينذرهم بالعذاب فى الدنيا بأنه نازل بهم ، كقوله سبحانه : (وَما أَهْلَكْنا) فى الدنيا (مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) (٥) (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً) بالعذاب فى الدنيا (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) [٢١٤ أ] يقوله أكثرنا جبابرتها فيطروا فى المعيشة (فَفَسَقُوا فِيها) يقول فعصوا فى القرية
__________________
(١) سورة الأنعام : ٢٣.
(٢) هكذا فى : أ ، ل فشهدت عليه بشركه وتكذيبه فأعاد الضمير على المفرد.
(٣) سورة القيامة : ١٤.
(٤) فى أ : (على) نفسه.
(٥) سورة الشعراء : ٢٠٨.