فى الآخرة (عَذاباً كَبِيراً) ـ ١٩ ـ يعنى شديدا وكقوله فى بنى إسرائيل : (... وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) (١) يعنى شديدا (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) لقول كفار مكة للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) ابتلينا بعضا ببعض وذلك حين أسلم أبو ذر الغفاري ـ رضى الله عنه ـ ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر ، وصهيب ، وبلال ، وخباب بن الأرت ، وجبر مولى عامر بن الحضرمي ، وسالم مولى أبى حذيفة ، والنمر بن قاسط ، وعامر بن فهيرة ، ومهجع بن عبد الله ، ونحوهم من الفقراء ، فقال أبو جهل ، وأمية ، والوليد ، وعقبة ، وسهيل ، والمستهزءون من قريش : انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من موالينا وأعواننا رذالة كل قبيلة فازدروهم ، فقال الله ـ تبارك وتعالى ـ لهؤلاء الفقراء من العرب والموالي (أَتَصْبِرُونَ)؟ على الأذى والاستهزاء (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) ـ ٢٠ ـ أن تصبروا فصبروا ولم يجزعوا فأنزل الله ـ عزوجل ـ فيهم (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) على الأذى والاستهزاء من كفار قريش (... أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢) يعنى الناجين من العذاب (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) يعنى لا يخشون البعث نزلت فى عبد الله بن أمية والوليد بن المغيرة ومكرز بن حفص بن الأحنف وعمرو بن عبد الله بن أبى قيس العامري ، ويغيض بن عامر بن هشام (لَوْ لا) يعنى هلا (أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) فكانوا رسلا إلينا (أَوْ نَرى رَبَّنا) فيخبرنا أنك رسول ، يقول الله ـ تعالى ـ : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا) يقول تكبروا (فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) ـ ٢١ ـ يقول علوا فى القول علوا شديدا حين قالوا أو نرى ربنا فهكذا العلو فى القول.
__________________
(١) سورة الإسراء : ٤.
(٢) سورة المؤمنون : ١١١.