قوله ـ عزوجل ـ (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) ـ ٦٣ ـ يعنى كالجبلين المقابلين (١) كل واحد منهما على الآخر وفيهما كوى من طريق إلى طريق لينظر بعضهم إلى بعض إذا ساروا فيه ليكون آنس لهم إذا نظر بعضهم إلى بعض فسلك كل سبط من بنى إسرائيل فى طريق لا «يخالطهم» (٢) أحد من غيرهم وكانوا اثنى عشر سبطا فساروا فى اثنى عشر طريقا (٣) فقطعوا البحر وهو نهر النيل بين أيلة ومصر نصف النهار فى ساعتين فتلك ست ساعات من النهار يوم الاثنين وهو يوم العاشر من المحرم ، فصام موسى ـ عليهالسلام ـ يوم العاشر شكر الله ـ عزوجل ـ حين أنجاه الله ـ عزوجل ـ وأغرق عدوه فرعون فمن ثم تصومه اليهود. وسار فرعون وقومه فى تمام ثمانية ساعات فلما توسطوا البحر تفرقت الطرق عليهم فأغرقهم الله ـ عزوجل ـ أجمعين ، فذاك قوله ـ تعالى ـ : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) ـ ٦٤ ـ يعنى هناك الآخرين. قربنا فرعون وجنوده فى مسلك بنى إسرائيل (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) ـ ٦٥ ـ من الغرق فلم يبق أحد إلا نجا (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) ـ ٦٦ ـ يعنى فرعون وقومه فى تمام تسع ساعات من النهار ثم أوحى الله ـ عزوجل ـ إلى البحر فألقى فرعون على الساحل فى ساعة فتلك (٤) عشر ساعات وبقي من النهار ساعتان (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) يقول فى هلاك فرعون وقومه لعبرة لمن بعدهم (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) ـ ٦٧ ـ يقول لم يكن أكثر أهل مصر مصدقين بتوحيد الله ـ عزوجل ـ ولو كان أكثرهم مؤمنين لم يعذبوا فى الدنيا. ولم يؤمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون
__________________
(١) المقبلين : فى ف ، وفى أ : كشط وتصليح ، وفى م : المتقبلين.
(٢) فى الأصل : «تخالطهم».
(٣) قال ابن عباس صار البحر اثنى عشر طريقا لكل سبط طريق. وزاد السدى وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض ، ابن كثير : ٣ / ٣٣٦.
(٤) فى الأصل : فذلك.