خصومتهم ، ثم قال كفار مكة من بنى آدم : (وَما أَضَلَّنا) عن الهدى (إِلَّا الْمُجْرِمُونَ) ـ ٩٩ ـ يعنى الشياطين ، ثم أظهروا الندامة فقالوا : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) ـ ١٠٠ ـ من الملائكة والبنين (وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) ـ ١٠١ ـ يعنى القريب الشفيق فيشفعون لنا كما يشفع للمؤمنين ، وذلك انهم لما رأوا كيف يشفع الله ـ عزوجل ـ والملائكة والبنين فى أهل التوحيد ، قالوا عند ذلك (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ...) إلى آخر الآية.
حدثنا أبو محمد قال : حدثني الهذيل ، قال : قال مقاتل : استكثروا من صداقة المؤمنين فإن المؤمنين يشفعون يوم القيامة ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) ثم قال : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) يعنى رجعه إلى الدنيا (فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ١٠٢ ـ يعنى من المصدقين بالتوحيد (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) يعنى إن فى هلاك قوم إبراهيم لعبرة لمن بعدهم. (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) ـ ١٠٣ ـ يقول لو كان أكثرهم مؤمنين لم يعذبوا فى الدنيا (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) فى نقمته (الرَّحِيمُ) ـ ١٠٤ ـ بالمؤمنين. هلك قوم إبراهيم بالصيحة تفسيره فى سورة العنكبوت (١).
(كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) ـ ١٠٥ ـ يعنى كذبوا نوحا وحده ، نظيرها فى (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) (٢) (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ) ليس بأخيهم فى الدين ولكن
__________________
(١) فى سورة العنكبوت الآية ٤٠ :
((فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ))
(٢) سورة القمر آية ٩ ، ١٠ : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ، فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ).