الأمم الخالية [٥٤ ب] الذين عذبوا فى الدنيا قوم نوح وهود وصالح وقوم لوط (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) ـ ١٨٥ ـ يعنى أنت بشر مثلنا لست بملك ولا رسول ، فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) لا تفضلنا فى شيء فتبعك (وَإِنْ نَظُنُّكَ) يقول وقد نحسبك يا شعيب (لَمِنَ الْكاذِبِينَ) ـ ١٨٦ ـ يعنى «حين» (١) تزعم أنك نبى رسول (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً) يعنى جانبا (مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ـ ١٨٧ ـ بأن العذاب نازل بنا لقوله فى هود : (... وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (٢) (قالَ) شعيب : (رَبِّي أَعْلَمُ) من غيره (بِما تَعْمَلُونَ) ـ ١٨٨ ـ من نقصان الكيل والميزان (فَكَذَّبُوهُ) بالعذاب (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) وذلك أن الله ـ عزوجل ـ كان حبس عنهم الريح والظل فأصابهم حر شديد فخرجوا من منازلهم فرفع الله ـ عزوجل ـ سحابة فيها عذاب بعد ما أصابهم الحر سبعة أيام فانقلبوا ليستظلوا تحتها فأهلكهم الله ـ عزوجل ـ حرا وغما تحت السحابة ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : «عذاب يوم الظلة» (إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ـ ١٨٩ ـ لشدته (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) إن فى هلاكهم بالحر والغم لعبرة لمن بعدهم يحذر كفار مكة أمة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ، ثم قال ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) ـ ١٩٠ ـ يعنى لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا فى الدنيا (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) فى نقمته من أعدائه (الرَّحِيمُ) ـ ١٩١ ـ بالمؤمنين (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ ١٩٢ ـ وذلك أنه لما قال كفار مكة : إن محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يتعلم القرآن من «أبى» (٣) فكيهة ويجيء به «الري» (٤) ، وهو شيطان ، فيلقيه على لسان محمد
__________________
(١) «حين» : زيادة اقتضاها السياق لم ترد فى الأصل.
(٢) سورة هود : ٨٤.
(٣) فى ا : «ابني» ، ف : «أبى».
(٤) فى ا : «الذي» ، ف : «الري».