تردى ، قوله ـ عزوجل ـ (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) وذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خرج من الغار ليلا ، ثم هاجر من وجهه ذلك إلى المدينة ، فسار فى غير الطريق مخافة الطلب فلما أمن رجع إلى الطريق فنزل بالجحفة بين مكة والمدينة ، وعرف (١) الطريق إلى مكة فاشتاق إليها ، وذكر مولده ومولد أبيه فأتاه [٧٠ أ] جبريل ـ عليهالسلام ـ فقال : أتشتاق إلى بلدك ومولدك؟ فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نعم. فقال جبريل : إن الله ـ عزوجل ـ يقول ـ : «إن الذي فرض عليك القرآن» (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) يعنى إلى مكة ظاهرا عليهم فنزلت هذه الآية بالجحفة ليست بمكية ولا مدنية (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى) وذلك أن كفار مكة كذبوا محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقالوا إنك فى ضلال فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ فى قولهم : «قل ربى أعلم من جاء بالهدى» فأنا الذي جئت بالهدى من عند الله ـ عزوجل ـ (وَ) هو أعلم (مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٨٥ ـ يقول أنحن أم أنتم (وَما كُنْتَ تَرْجُوا) يا محمد (أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ) يعنى أن ينزل عليك القرآن يذكره النعم ، وقال ما كان الكتاب (إِلَّا رَحْمَةً) يعنى ـ عزوجل ـ نعمة (مِنْ رَبِّكَ) اختصصت بها يا محمد. وذلك حين دعى إلى دين آبائه فأوحى الله ـ عزوجل ـ إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى ذلك فقال : (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً) يعنى معينا (لِلْكافِرِينَ) ـ ٨٦ ـ على دينهم (وَلا يَصُدُّنَّكَ) كفار مكة (عَنْ آياتِ اللهِ) يعنى عن إيمان بالقرآن (بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ) الناس (إِلى) معرفة (رَبِّكَ) ـ عزوجل ـ وهو التوحيد ،
__________________
(١) كذا فى أ ، ز. والمراد رأى أو شاهد.