تزويجهما (١).
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) يعنى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خاصة
__________________
(١) لقد حفظ الله ظواهر الأنبياء وبواطنهم من التلبس بأمر ولو منهى عنه فكيف يباح لمسلّم أن ينسب إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ اشتهاء امرأة متزوجة. مع أن الآيات التي جاءت بعد ذلك توضح أن زواجها كان فرضا من الله لتشريع زواج الآباء بزوجات الأدعياء (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ ...) أي فيما أحل له وأمره به من تزويج زينب ولكن مقاتلا شط به الهوى إلى رسل الله وأول كلام الله تأويلا أخرجه عن قصده.
وصدق الله العظيم (... فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) سورة آل عمران : ٧.
ولعل هذا مما جعل بعض الأتقياء يقول : «لو قدرت على مقاتل بن سليمان فى موضع لا يرانا فيه أحد لقتلته».
وقد أعن على ـ رضى الله عنه ـ : «من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين جلدة» وهو حد الفرية على الأنبياء.
لقد كان مقاتل حافظا فى التفسير ولكنه كان لا يضبط الإسناد وكان يقص فى الجامع بمرور كما جاء فى تهذيب الكمال فى أسماء الرجال.
وتفسير الآية على وجهها السليم يبعد عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعن الأنبياء اتهام المغرضين ويؤكد نزاهتهم وبعدهم عما يشين.
جاء فى تفسير ابن كثير لقوله ـ تعالى ـ : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) ـ يقول ـ تعالى ـ : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) أى فيما أحل له وأمره به من تزويج زينب ـ رضى الله عنها ... التي طلقها دعيه زيد بن حارثة ـ رضى الله عنه ـ ، وقوله ـ تعالى ـ : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أى هذا حكم الله ـ تعالى ـ فى الأنبياء قبله لم يكن ليأمرهم بشيء وعليهم فى ذلك حرج وهذا رد على من توهم من المنافقين نقصا فى تزويجه امرأة زيد مولاه ودعيه الذي كان تبناه (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) أى وكان أمره الذي يقدره كائنا لا محالة واقعا لا محيد عنه ولا معدل فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ا. ه. تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٩٢.