(وَيَخْشَوْنَهُ) يعنى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، يقول محمد يخشى الله أن يكتم عن الناس ما أظهر الله عليه من أمر زينب إذ هويها (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) فى البلاغ عن الله ـ عزوجل ـ (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) ـ ٣٩ ـ يعنى شهيدا فى أمر زينب إذ هويها فلا شاهد أفضل من الله ـ عزوجل ـ (١).
وأنزل الله ـ عزوجل ـ فى قول الناس إن محمدا تزوج امرأة ابنه (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) يعنى زيد بن حارثة يقول إن محمدا ليس بأب لزيد (وَلكِنْ) محمدا (رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) يعنى آخر النبيين لا نبى بعد محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولو أن لمحمد ولدا لكان نبيا رسولا ، فمن ثم قال : «وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ» (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ـ ٤٠ ـ يقول لو كان زيد ابن محمد لكان نبيا فلما نزلت (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) قال النبي
__________________
(١) وهذه الآية أيضا يحملها مقاتل على رأيه وهواه. وهي شاهد بأنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ بلغ الرسالة وأدى الأمانة ولم يخش فى الله لومة لائم. ومعنى (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) يعنى ناصرا ومعينا كما وردت فى قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...) سورة الأنفال : ٦٤. أى أن الله كافيك وناصرك. لا كما ادعى مقاتل أن حسيبا بمعنى شهيدا فى أمر زينب إذ هويها.
جاء فى تفسير الحافظ ابن كثير : ٣ / ٤٩٢ يمدح ـ تبارك وتعالى ـ : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) أى إلى خلقه ويؤدونها بأمانة (وَيَخْشَوْنَهُ) أى ويخافونه ولا يخافون أحدا سواء فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله ـ تعالى ـ : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) أى وكفى بالله ناصرا ومعينا ، وسيد الناس فى هذا المقام بل وفى كل مقام محمد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب ، إلى جميع أنواع بنى آدم وأظهر الله ـ تعالى ـ كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع فإنه قد كان النبي قبله إنما يبعث إلى قومه خاصة ، وأما هو ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فإنه بعث إلى جميع الخلق عربهم وعجمهم (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ...). سورة الأعراف : ١٥٨.