(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) يعنى نضجه وبلاغه (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا) على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى بيته (فَإِذا طَعِمْتُمْ) الطعام (فَانْتَشِرُوا) يعنى فقوموا من عنده وتفرقوا (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) وذلك أنهم كانوا يجلسون عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قبل الطعام وبعد الطعام ، وكان ذلك فى بيت أم سلمة بنت أبى أمية أم المؤمنين ، فيتحدثون عنده طويلا فكان ذلك يؤذيه ويستحيى أن يقول لهم قوموا وربما أخرج النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهم فى بيته يتحدثون ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : «وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ» (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) ثم أمر الله ـ تبارك وتعالى ـ نبيه بالحجاب على نسائه ، فنزل الخيار والتيمم فى أمر عائشة (١).
ونزل الحجاب فى أمر زينب بنت جحش فأمر الله ـ تعالى ـ المؤمنين ألا يكلموا نساء النبي إلا من وراء حجاب ، فذلك قوله : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ) من الريبة (وَقُلُوبِهِنَ) وأطهر
__________________
(١) الخيار هو تخيير رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لنسائه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يجدن عنده المال والزينة وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال.
وقد روى البخاري أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خير نساءه حين أمره الله أن يخبرهن. وبدأ بعائشة ، فقالت : أختار الله ورسوله. وقالت كل نسائه مثل ذلك. وانظر ما سبق فى تفسير الآيتين ٢٨ ، ٢٩ من هذه السورة.
وأما التيمم. فنزلت آيته عند ما كان الرسول (ص) قافلا من إحدى الغزوات ثم أذن للجيش بالاستراحة. فذهبت عائشة ـ وكانت مع رسول الله فى هذه الغزوة ـ لتقضى شأنها. فانقطع عقد لها من جزع أظفار وحبس الرسول والمسلمون وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فأنزل الله آية التيمم (أنظر سورة النساء : ٤٣ ، سورة المائدة : ٦)