يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) وذلك أن أرواح الكفار كانوا يعرضون على منازلهم من النار طرفي النهار كل يوم فلما كان بين النفختين رفع عنهم العذاب فرقدت تلك الأرواح بين النفختين ، فلما بعثوا فى النفخة الأخرى وعاينوا فى القيامة ما كذبوا به فى الدنيا [١٠٨ أ] من البعث والحساب فدعوا بالويل «قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا» فى قراءة ابن مسعود «من ميتنا» ، قال حفظتهم من الملائكة (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) على ألسنة الرسل ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ (وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) ـ ٥٢ ـ وذكر النفخة الثانية فقال ـ سبحانه ـ : (إِنْ) يعنى ما (كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) من إسرافيل (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ) الخلق كلهم (لَدَيْنا) عندنا (مُحْضَرُونَ) ـ ٥٣ ـ «بالأرض» (١) المقدسة فلسطين لنحاسبهم (فَالْيَوْمَ) فى الآخرة (لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ـ ٥٤ ـ من الكفر جزاء الكافر النار ، ثم قال ـ جل وعز ـ : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ) فى الآخرة (فِي شُغُلٍ) يعنى شغلوا بالنعيم ، بافتضاض العذارى عن ذكر أهل النار فلا يذكرونهم ولا يهتمون بهم ، ثم قال ـ جل وعز ـ : (فاكِهُونَ) ـ ٥٥ ـ فكهون يعنى معجبين بما هم فيه شغل النعيم والكرامة (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ) يعنى الحور العين حلائلهم (فِي ظِلالٍ) ومن قرأ «فاكهون» (٢) يعنى ناعمين فى ظلال كبار القصور (عَلَى الْأَرائِكِ) على السرر عليها الحجال (مُتَّكِؤُنَ) ـ ٥٦ ـ (لَهُمْ فِيها) فى الجنة (فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) ـ ٥٧ ـ يتمنون ما شاءوا من الخير (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) ـ ٥٨ ـ وذلك أن الملائكة تدخل على أهل الجنة من كل باب يقولون سلام عليكم يا أهل الجنة من ربكم الرحيم (وَامْتازُوا)
__________________
(١) فى الأصل : أرض.
(٢) قراءة «فاكهون» وقرأ يعقوب فى رواية «فكهون» للمبالغة وانظر تفسير البيضاوي للآية.