ثم قال : (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) يعنى من قبلهم ومن بعدهم ، فقالوا لقومهم : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) يقول وحدوا الله (قالُوا) للرسل (لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) فكانوا إلينا رسلا (فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) يعنى بالتوحيد (كافِرُونَ) ـ ١٤ ـ لا نؤمن به (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا) يعنى فتكبروا عن الإيمان وعملوا (فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) فخوفهم هود العذاب (وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) يعنى بطشا قال كان الرجل منهم ينزع الصخرة من الجبل لشدته وكان طوله اثنا عشر ذراعا ويقال «ثمانية عشر ذراعا» (١) وكانوا باليمن فى حضر موت (٢).
(أَوَلَمْ يَرَوْا) يقول أو لم يعلموا (أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) يعنى بطشا (وَكانُوا بِآياتِنا) يعنى بالعذاب (يَجْحَدُونَ) ـ ١٥ ـ أنه لا ينزل بهم فأرسل الله عليهم الريح فأهلكتهم ، فذلك قوله ـ تعالى ـ : (فَأَرْسَلْنا) فأرسل الله (عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) يعنى باردة (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) يعنى شدادا وكانت ريح الدبور فأهلكتهم ، فذلك قوله : (لِنُذِيقَهُمْ) يعنى لكي نعذبهم (عَذابَ الْخِزْيِ) يعنى الهوان (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فهو الريح (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) يعنى أشد وأكثر إهانة من الريح التي أهلكتهم فى الدنيا (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) ـ ١٦ ـ يعنى لا يسمعون من العذاب.
قال عبد الله : سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول : الصرصر الريح الباردة التي لها صوت.
__________________
(١) فى الأصل : «ثماني عشر ذراعا» ، ويجب تأنيث العدد لأن المعدود مذكر فصوبته.
(٢) فى أ : «فى حضرموت (فأرسلنا عليهم) ..» ففسر جزءا من الآية ١٦ ثم عاد فأكمل تفسير الآية ١٥ ثم أكمل الآية ١٦ ، وقد صوبت الأخطاء وعدلت مكان التفسير ، حسب ترتيب الآيات فى المصحف الشريف.