فعظم نفسه عما قالوا ، فقال : وهو الذي يوحد فى السماء ، ويوحد فى الأرض (وَهُوَ الْحَكِيمُ) فى ملكه الخبير بخلقه (الْعَلِيمُ) ـ ٨٤ ـ بهم ، ثم عظم نفسه عن شركهم فقال : (وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) يعنى القيامة (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ـ ٨٥ ـ يعنى تردون فى الآخرة فيجازيكم بأعمالكم (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ) يقول لا تقدر الملائكة الذين يعبدونهم من دون الله الشفاعة ، وذلك أن النضر ابن الحارث ونفرا معه قالوا : إن كان ما يقول محمد حقا ؛ فنحن نتولى الملائكة وهم أحق بالشفاعة من محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأنزل الله «ولا يملك» يقول ولا يقدر «الذين يدعون من دونه» وهم الملائكة الشفاعة ، يقول لا تقدر الملائكة الذين تعبدونهم من دون الله على الشفاعة لأحد ، ثم استثنى فقال : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) يعنى بالتوحيد من بنى آدم ، فذلك قوله : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ـ ٨٦ ـ أن الله واحد لا شريك له فشفاعتهم لهؤلاء قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ) يعنى أهل مكة : كفارهم (لَيَقُولُنَّ اللهُ) وذلك أنه لما «نزلت» (١) فى أول هذه السورة «خلق» (٢) السموات والأرض (٣) نزلت فى آخرها (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) فقال لهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : من خلقكم ورزقكم وخلق السموات والأرض؟ فقالوا : الله خالق الأشياء كلها ، وهو خلقنا. قال الله ـ تعالى ـ لنبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قل لهم : (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) ـ ٨٧ ـ يقول من أين يكذبون بأنه
__________________
(١) كذا فى أ ، ف ، والأنسب «نزل».
(٢) فى أ : «من خلق» ، وفى ف : «خلق».
(٣) ورد ذلك فى الآية ٤ والآية ١١.