ثم يحذّر القرآن الجميع : (وَلَا تَتَّخِذُواءَايَاتِ اللهِ هُزُوًا).
هذا التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى حال الأشخاص الذين يستغلّون الأحكام الشرعية لتبرير مخالفاتهم ويتمسكون بالظواهر من أجل بعض الحيل الشرعية ، فالقرآن يعتبر هذا العمل نوع من الاستهزاء بآيات الله ، ومن ذلك نفس مسألة الزواج والطلاق والرجوع في زمان العدّة بنيّة الإنتقام وإلحاق الضرر بالمرأة والتظاهر بأنّه يستفيد من حقه القانوني.
فعلى هذا لا ينبغي الإغماض عن روح الأحكام الإلهية والتمسك فقط بالظواهر الجامدة لها ، فلا ينبغي إتخاذ آيات الله ملعبة بيد هؤلاء ، فإنّه يُعتبر ذنب عظيم ويترتب عليه عقوبة أليمة.
ثم تضيف الآية : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلّ شَىْءٍ عَلِيمٌ).
هذه تحذيرات من أجل أن تعلموا : أوّلاً : أنّ الله تعالى عدّ تلك التصرفات من خرافات وتقاليد الجاهلية الشنيعة بالنسبة إلى الزواج والطلاق وغير ذلك ، فأنقذكم منها وأرشدكم إلى أحكام الإسلام الحياتية ، فينبغي أن تعرفوا قدر هذه النعمة العظيمة وتؤدّوا حقها ، وثانياً : بالنسبة إلى حقوق المرأة ينبغي أن لا تسيئوا إليها بالاستفاده من موقعيتكم ، ويجب أن تعلموا أنّ الله تعالى مطلع حتى على نياتكم.
(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون) (٢٣٢)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : نزلت في معقل بن يسار عضل اخته جملاء أن ترجع إلى الزواج الأوّل وهو عاصم بن عدي فإنّه كان طلّقها وخرجت من العدّة ثم أراد أن يجتمعا بعقد آخر ، فمنعها من ذلك ، فنزلت الآية.