«عروش» : جمع عرش وهنا تعني السقف ؛ و «خاوية» : في الأصل بمعنى خالية ولكنها هنا كناية عن الخراب والدمار وعليه فإنّ قوله (وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) تعني أنّ دور تلك القرية كانت كلها خربة ، فقد هوت سقوفها ثم انهارت الجدران عليها وهذا هو الخراب التام.
(فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ). إنّ ظاهر الآية يدل على أنّ النبي قد فارق الحياة ، وبعد مائة سنة استأنف الحياة مرة اخرى ، ولا شك أنّ موتاً وحياة كهذين هما من خوارق العادات ، وإن لم يكن مستحيلاً ، وعلى كل حال فإنّ الحوادث الخارقة للعادة في القرآن ليست منحصرة بهذه الحادثة بحيث نعمد إلى تأويلها.
(قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ). يسأل الله نبيه في هذه الآية عن المدّة التي قضاها في النوم ، فيتردد في الجواب بين قضائه يوماً كاملاً أو جزءاً من اليوم ، ويستفاد من هذا التردّد أنّ الساعة التي أماته الله فيها تختلف عن الساعة التي أحياه فيها من ساعات النهار ، كأن تكون إماتته قد حدثت مثلاً قبل الظهر ، واعيد إلى الحياة بعد الظهر ، لذلك انتابه الشكّ إن كان قد نام يوماً كاملاً بليله ونهاره ، أم أنّه لم ينم سوى بضع ساعات من النهار ، ولهذا بعد أن قال إنّه قضى يوماً ، راوده الشك فقال : (أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ). ولكنّه ما لبث أن سمع الله يقول له : (بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ).
ثم أنّ الله تعالى أمر نبيّه بأن ينظر إلى طعامه الذي كان معه من جهة ، وينظر إلى مركوبه من جهة اخرى ليطمئن إلى واقعية الأمر فالأوّل بقي سالماً تماماً ، أمّا الثاني فتلاشى وأصبح رميماً ، ليعلم قدرة الله على حفظ الأشياء القابلة للفساد خلال هذه الأعوام ويدرك من جهة اخرى مرور الزمان على وفاته : (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ). أي أنّ الله القادر على إبقاء ما يسرع إليه التفسّخ والفساد كالطعام والشراب ، قادر أيضاً على إحياء الموتى بيسر ، فإبقاء الطعام والشراب نوع من إدامة الحياة لهذه المواد السريعة التفسّخ وعملية الإبقاء هذه ليست بأيسر من إحياء الموتى.
(وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ). إنّ الآيات التالية تشير إلى أنّ حماره قد تلاشى تماماً بمضيّ الزمان ولولا ذلك لما كان هناك ما يشير إلى انقضاء مائة سنة.
(وَلِنَجْعَلَكَءَايَةً لِّلنَّاسِ). أي أنّ حكايتك هذه ليست آية لك وحدك ، بل هي كذلك للناس جميعاً.
(وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا). واضح أنّ العظام المقصودة هي