(مَا كَانَ إِبْرهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا).
وهذا ردّ صريح على هذه المزاعم يقول إنّ إبراهيم لم يكن من اليهود ولا من المسيحيين ، وإنّما كان موحّداً طاهراً مخلصاً أسلم لله ولم يشرك به أبداً.
«الحنيف» : من الحنف ، وهو الميل من شيء إلى شيء ، وهو في لغة القرآن ميل عن الضلال إلى الإستقامة.
يصف القرآن إبراهيم أنّه كان حنيفاً لأنّه شقّ حجب التعصب والتقليد الأعمى ، وفي عصر كان غارقاً في عبادة الأصنام ، نبذ هو عبادة الأصنام ولم يطأطىء لها رأساً.
إنّ القرآن بعد أن وصف إبراهيم بأنّه كان «حَنِيفًا» أضاف «مُّسْلِمًا» ثم أردف ذلك بقوله (وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) لإبعاد إحتمال آخر.
ومما تقدم يتّضح أنّ إبراهيم عليهالسلام لم يكن تابعاً لهذه الأديان ، ولكن كيف يمكننا إتّباع هذا النبي العظيم الذي يفتخر باتّباعه جميع أتباع الأديان السماوية؟
آخر آية من الآيات مورد البحث توضح هذا المطلب وتقول : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ...). وعليه ، إذا كان أهل الكتاب بعقائدهم المشركة قد انحرفوا عن أهم مبدأ من مبادىء دعوة إبراهيم ، فقد بقي رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله والمسلمون ـ بالاستناد إلى هذا المبدأ نفسه وتعميمه على جميع اصول الإسلام وفروعه ـ من أوفى الأوفياء له ، فلابدّ أن نعترف بأنّ هؤلاء هم الأقربون إلى إبراهيم ، لا اولئك.
وفي ختام الآية يبشر الله تعالى الذين يتبعون رسالة الأنبياء حقيقة ويقول : (وَاللهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ).
(وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (٦٩)
سبب النّزول
في تفسير القرطبي : نزلت في معاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر حين دعاهم اليهود من بني النضير وقريظة وبني قينقاع إلى دينهم.
التّفسير
هذه الآية تكشف خطّة الأعداء ، وتنذرهم بالكفّ عن محاولاتهم العقيمة استناداً إلى التربية التي نشأ عليها هذا الفريق من المسلمين في مدرسة رسول الله صلىاللهعليهوآله بحيث لا يمكن أن