إنّهم بمثل هذا التفكر الصحيح والعمل الصالح كانوا يحصلون على ثوابهم دون تأخير ، وهو ثواب مزدوج ، أمّا في الدنيا فالنصر والفتح ، وأمّا في الآخرة فما أعد الله للمؤمنين المجاهدين الصادقين : (فَاتَيهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْأَخِرَةِ).
ثم إنّه سبحانه يعد هؤلاء من المحسنين إذ يقول : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (١٥١)
إنّ أعداء الإسلام أخذوا ـ بعد معركة احد ـ يسعون في إلقاء الفرقة في صفوف المسلمين ببث سلسلة من الدعايات المسمومة ، والمغلفة أحياناً بلباس النصيحة ، والتحرّق على ما آل إليه المسلمون ، وكانوا بالاستفادة من الأوضاع النفسية المتردية التي كان يمر بها جماعة من المسلمين ، يحاولون زرع بذور النفور من الإسلام بينهم.
الآية الاولى من هذه الآيات تقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ). فهي تحذر المسلمين من إطاعة الكفار وتقول : إنّ إطاعة الكفار تعني العودة إلى الجاهلية بعد تلك الرحلة العظيمة في طريق التكامل المعنوي والمادي في ظل التعاليم الإسلامية.
ثم إنّه سبحانه يؤكد بأنّ لهم خير ناصر وولي وهو الله : (بَلِ اللهُ مَوْلكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ).
إنّه الناصر الذي لا يغلب ، بل لا تساوي قدرته أية قدرة ، في حين ينهزم غيره من الموالي ، ويندحر غيره من الأسياد.
ثم إنّه سبحانه يشير إلى نموذج من نماذج التأييد الإلهي للمسلمين في أحرج الظروف ، وأحلك المراحل إذ يقول : (سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ). أي إنّنا كما ألقينا الرعب في قلوب الكفار في أعقاب معركة «احد» ورأيتم نموذجاً منه بأم أعينكم ، سنلقي مثله في قلوب الذين كفروا فيما بعد ، ولهذا ينبغي أن تطمئنوا إلى المستقبل ، ولا تأخذكم في الله لومة