البط في الدار لأتى اللصوص. وقول الرجل لصاحبه : ما شاء الله وشئت! وقول الرجل : لولا الله وفلان ... هذا كله به شرك» (١).
مثل هذه التعابير التي يشمّ منها رائحة الشرك رائجة ـ مع الأسف ـ بين سواد المسلمين وغير لائقة بالشخص الموحّد ، كقولهم : اعتمادي على الله وعليك!
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (٢٤)
القرآن معجزة خالدة : ظاهرة الكفر والنفاق ، تنشأ أحياناً عن عدم فهم محتوى النبوّة ومعجزة الرسول صلىاللهعليهوآله ، والآيات التي نحن بصددها تعالج هذه المسألة ، وتركز على المعجزة القرآنية الخالدة كي تزيل كل شك وترديد في رسالة نبيّ الخاتم صلىاللهعليهوآله. تقول الآية : (وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ).
وبهذا الشكل تحدى القرآن كل المنكرين أن يأتوا بسورة من مثله ، كي يكون عجزهم دليلاً واضحاً على أصالة هذا الوحي السماوي وعلى الجانب الإلهي للرسالة والدعوة.
ولأجل أن يؤكد هذا التحدي دعاهم أن لا يقوموا بهذا العمل منفردين ، بل (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
كلمة «شهداء» تشير إلى الفئة التي كانت تساعدهم في رفض رسالة النبي صلىاللهعليهوآله وعبارة «مِّن دُونِ اللهِ» إشارة إلى عجز جميع البشر عن الإتيان بسورة قرآنية ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، وإلى قدرة الله وحده على ذلك.
وعبارة (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) تستهدف حثّهم على قبول هذا التحدي ، ومفهومها : لو عجزتم عن هذا العمل فذلك دليل كذبكم ، فانهضوا إذن لإثبات ادعائكم.
من هنا فسياق الآيات التالية ، يركز على عنصر الإثارة ويقول : (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ). وهذه النار ليست حديث مستقبل ، بل هي واقع قائم : (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ).
__________________
(١) تفسير في ظلال القرآن ١ / ٥٣.