إجمالية في الآيات السابقة ، حيث تؤكد أنّ أي ذنب يقترفه الإنسان ستكون نتيجته في النهاية على المذنب نفسه ، ويكون قد أضرّ بنفسه بذنبه ، إذ تقول الآية : (وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ).
وفي آخر الآية تأكيد على أنّ الله عالم بأعمال العباد ، وهو حكيم يجازي كل إنسان بما يستحقه : (وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).
وبالصورة المارة الذكر فإنّ الذنوب مهما اختلفت في الظاهر ، فإنّ اضرارها ستلحق أحياناً بالغير وتلحق أحياناً اخرى بمرتكبها ، ولكن بالتحليل النهائي ، فإنّ الذنب تعود نتيجته كلها إلى الإنسان المذنب نفسه ، وإنّ الآثار السيئة للذنب تظهر قبل كل شيء في روح ونفس الشخص المذنب.
أمّا الآية الثالثة من الآيات الأخيرة ، فهي تشير إلى خطورة خطيئة إتهام الناس الأبرياء ، إذ تقول : (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).
جريمة البهتان : إنّ اتهام إنسان بريء يعتبر من أقبح الأعمال التي أدانها الإسلام بعنف. في عيون الأخبار قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «من بهت مؤمناً أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه أقامه الله تعالى يوم القيامة على تلّ من نار حتى يخرج ممّا قاله فيه».
وحقيقة الأمر أنّ إشاعة مثل هذا العمل الجبان ـ في أي محيط إنساني كان ـ يؤدي في النهاية إلى إنهيار نظام العدالة الاجتماعية ، واختلاط الحق بالباطل ، وتورط البريء وتبرئة المذنب ، وزوال الثقة من بين الناس.
(وَلَوْ لَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (١١٣)
في هذه الآية الكريمة إشارة اخرى إلى حادثة «بني الابَيرِق» التي تحدثنا عنها لدى تطرقنا إلى سبب النزول في آيات سابقة ، وهذه تؤكد أنّ الله قد صان النبي صلىاللهعليهوآله بفضله ورحمته ـ سبحانه وتعالى ـ من كيد بعض المنافقين الذين كانوا يأتمرون به صلىاللهعليهوآله ليحرفوه عن