حراماً جاءت الآية بأمثال كمقدمة لبيان قانون كلي ، وأوضحت الموارد التي تجوز فيها النجوى ، مثل أن يوصي الإنسان بصدقة أو بمعونة للآخرين أو بالقيام بعمل صالح أو أن يصلح بين الناس ، فتقول الآية في هذا المجال : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلحٍ بَيْنَ النَّاسِ).
فإذا كان هذا النوع من النجوى أو الهمس أو الاجتماعات السرّية لا يشوبه الرياء والتظاهر ، بل كان مخصصاً لنيل مرضاة الله ، فإنّ الله سيخصص لمثل هذه الأعمال ثواباً وأجراً عظيماً ، حيث تقول الآية : (وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
وقد عرف القرآن النجوى والهمس والاجتماعات السرّية ـ من حيث المبدأ ـ بأنّها من الأعمال الشّيطانية ، في قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطنِ).
والنجوى إذا حصلت إبتداءً في جمع من الناس ، أثارت لديهم سوء الظّن حيالها ، حتى أنّ سوء الظن قد يبدر من الأصدقاء حيال النجوى التي تحصل بينهم ، وعلى هذا الأساس فإنّ الأفضل أن لا يبادر الإنسان إلى النجوى إلّاإذا اقتضت الضرورة ذلك ، وهذه هي فلسفة هذا الحكم الوارد في القرآن.
(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (١١٥)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : نزلت في شأن ابن أبي ابَيْرِق ، سارق الدرع ولما أنزل الله في تقريعه وتقريع قومه الآيات ، كفر وارتدّ ، ولحق بالمشركين من أهل مكة ، ثم نقب حائطاً للسرقة ، فوقع عليه الحائط فقتله.
التّفسير
حين يرتكب الإنسان خطأ ويدرك هذا الخطأ ، فليس أمامه سوى طريقين :
أحدهما : طريق العودة والتوبة التي أشارت الآيات السابقة.