الانسانية الاجتماعية الحساسة ، وممّا يُؤسف له كثيراً أن نرى الفارق الكبير بين عمل المسلمين وهذا الحكم الإسلامي السامي ، وإنّ هذا هو سرّ تخلف المسلمين.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً) (١٣٦)
سبب النّزول
روي في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس أنّه قال : إنّ الآية نزلت في مؤمني أهل الكتاب ، عبد الله بن سلام ، وأسد وأسيد ، إبني كعب ، وثعلبة بن قيس وابن اخت عبد الله بن سلام ويامين بن يامين وهؤلاء من كبار أهل الكتاب ، قالوا : نؤمن بك وبكتابك وبموسى وبالتوراة وعزير ، ونكفر بما سواه من الكتب وبمن سواهم من الرسل. فقيل لهم : بل آمنوا بالله ورسوله الآية.
التّفسير
يتبيّن من سبب النزول أنّ الكلام في الآية موجه إلى جمع من مؤمني أهل الكتاب الذين قبلوا الإسلام ، ولكنهم لعصبيات خاصة أبوا أن يؤمنوا بما جاء قبل الإسلام من أنبياء وكتب سماوية غير الدين الذي كانوا عليه ، فجاءت الآية توصيهم بضرورة الإيمان والإقرار والإعتراف بجميع الأنبياء والمرسلين والكتب السماوية ، لأنّ هؤلاء جميعاً يسيرون نحو هدف واحد ، وهم مبعوثون من مبدأ واحد. ولذلك فلا معنى لقبول البعض وإنكار البعض الآخر من هؤلاء الأنبياء والرسل ، فالحقيقة الواحدة لا يمكن التفريق بين أجزائها ، وأنّ العصبيات ليس بإمكانها الوقوف أمام الحقائق ، لذلك تقول الآية الكريمة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواءَامِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِى نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِى أَنزَلَ مِن قَبْلُ).
وقد بيّنت الآية ـ في آخرها ـ مصير الذين يجهلون هذه الحقائق ، حيث قالت : (وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْأَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَللاً بَعِيدًا).
وفي هذه الآية اعتبر الإيمان واجباً وضرورياً بخمسة مبادىء ، فبالإضافة إلى ضرورة الإيمان بالمبدأ والمعاد ، فإنّ الإيمان لازم وضروري بالنسبة إلى الكتب السماوية والأنبياء والملائكة.