وفتح عينيه على الدنيا حين ولد من بطن مريم عليهاالسلام كما يولد أفراد البشر من بطون امهاتهم ومرّ بفترة الرضاعة وتربى في حجر امّه ، ممّا يثبت بأنّه امتلك كل صفات البشر فكيف يمكن ـ وحالة المسيح عليهالسلام هذه ـ أن يكون إلهاً أزلياً أبدياً ، وهو في وجوده محكوم بالظواهر والقوانين المادية الطبيعية ويتأثر بالتحولات الجارية في عالم الوجود؟!
٢ ـ تؤكد الآية الكريمة أنّ المسيح عليهالسلام هو رسول الله ومبعوث إلى البشر من قبله سبحانه وتعالى وإنّ هذه المنزلة ـ أي منزلة النبوة ـ لا تتناسب ومقام الألوهية.
٣ ـ تبيّن الآية أنّ عيسى المسيح عليهالسلام هو كلمة الله التي ألقاها إلى مريم عليهاالسلام حيث تقول : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقهَا إِلَى مَرْيَمَ).
٤ ـ تشير الآية إلى أنّ عيسى المسيح عليهالسلام هو روح مخلوقة من قبل الله ، حيث تقول : (وَرُوحٌ مِّنْهُ). وهذه العبارة التي وردت في شأن خلق آدم ـ أو بعبارة اخرى خلق البشر أجمعين ـ في القرآن الكريم ، إنّما تدل على عظمة تلك الروح التي خلقها الله تعالى وأودعها في أفراد البشر بصورة عامة ، وفي المسيح عليهالسلام وسائر الأنبياء بصورة خاصة.
بعد ذلك تؤكد الآية على ضرورة الإيمان بالله الواحد الأحد وبأنبيائه ، ونبذ عقيدة التثليث ، مبشرة المؤمنين بأنّهم إن نبذوا هذه العقيدة فسيكون ذلك خيراً لهم حيث قالت الآية : (فَامِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ).
وتعيد الآية التأكيد على وحدانية الله قائلة : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ وَاحِدٌ). وهي تخاطب المسيحيين لأنّهم حين يدعون التثليث يقبلون ـ أيضاً ـ بوحدانية الله ، فلو كان لله ولد لوجب أن يكون شبيهه ، وهذه حالة تناقض أساس الوحدانية.
فكيف ـ إذن ـ يمكن أن يكون لله ولد ، وهو منزه من نقص الحاجة إلى زوجة أو ولد ، كما هو منزه من نقائص التجسيم وأعراضه. تقول الآية : (سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ). والله هو مالك كل ما في السماوات وما في الأرض والموجودات كلها مخلوقاته وهو خالقها جميعاً ، والمسيح عليهالسلام ـ أيضاً ـ واحد من خلق الله ، فكيف يمكن الإدعاء بهذا الاستثناء فيه. وهل يمكن المملوك والمخلوق أن يكون ابناً للمالك والخالق ، حيث تؤكد الآية : (لَّهُ مَا فِى السَّموَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ). والله هو المدبر والحافظ والرازق والراعي لمخلوقاته ، تقول الآية : (وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً).
والحقيقة هي أنّ الله الأزلي الأبدي الذي يرعى جميع الموجودات منذ الأزل إلى الأبد لا