أبداً ، لأنّ الله يملك كل ما في السماوات وما في الأرض ، فهو بهذا لا يحتاج إلى أي شيء من الآخرين ، تقول الآية في هذا الصدد : (وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِى السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ).
وتبيّن الآية في النهاية أنّ أحكام الله وأوامره كلها لمصلحة البشر ، لأنّها نابعة من حكمة الله وعلمه وهي قائمة على أساس تحقيق مصالح الناس ، ومنافعهم الخيّرة ، فتقول الآية : (وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً) (١٧١)
اسطورة التثليث الوهمية : تتطرق هذه الآية والآية التي تليها إلى واحد من أهم انحرافات الطائفة المسيحية ، وهذا الانحراف هو اعتقاد المسيحيين بالتثليث ، أي وجود آلهة ثلاثة ويأتي التطرق إلى هذا البحث في سياق البحوث القرآنية التي وردت في الآيات السابقة عن أهل الكتاب والكفار. فهذه الآية تحذر في البداية أهل الكتاب من المغالاة والتطرف في دينهم ، وتدعوهم أن لا يقولوا على الله غير الحق ، حيث تقول : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَاتَغْلُوا فِى دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ).
لقد كانت قضية الغلوّ في حق القادة السابقين إحدى أخطر منابع الانحراف في الأديان السماوية ، ولهذا السبب فقد عامل الإسلام الغلاة أو المغالين بعنف وشدّة ، إذ عرفت كتب الفقه والعقائد هذه الفئة من الناس بأنّهم أشد كفراً من الآخرين.
بعد ذلك تشير الآية الكريمة إلى عدة نقاط ، يعتبر كل واحد منها في حدّ ذاته دليلاً على بطلان قضية التثليث وعدم صحة الوهية المسيح عليهالسلام وهذه النقاط هي :
١ ـ لقد حصرت الآية بنوة السيد المسيح عليهالسلام بمريم عليهاالسلام : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ). وإشارة البنوة ـ هذه الواردة في ستة عشر مكاناً من القرآن الكريم ـ إنّما تؤكد أنّ المسيح عليهالسلام هو إنسان كسائر الناس ، خلق في بطن امّه ، ومرّ بدور الجنين في ذلك الرحم ،